السبت، 13 يونيو 2009

محمد مقصيدي: تشريعات الإسلام في العصر الراهن تهين المرأة


قال الباحث والإعلامي المغربي محمد مقصيدي إن الإسلام لم يحرر المرأة، والدليل على ذلك اباحة الإسلام لاغتصاب الإماء والزواج بأربعة، وإباحة الزواج بالصغيرات وعدم مساواتها مع الرجل في الميراث بالإضافة إلى اعتبار شهادتها نصف شهادة الرجل. وعرّف مقصيدي الإسلام بأنه "علاقة الإنسان مع الله".
واعتبر مقصيدي في حوار خاص مع موقع "آفاق" أن تشريعات الإسلام في العصر الراهن "تهين كرامة المرأة بشكل كبير جدا. وأن القوانين التي يحاول تسويقها الإسلاميون والتي يأتون بها من القرون الوسطى بحجة أحكام الله الخالدة، هي اضطهاد للمرأة وتكريس لدونيتها".
وتمسك مقصيدي بقوله أن الإسلاميين يكرمون المرأة بالجلد والاغتصاب. وقال "صراحة، لا زلت لم أفهم كيف يقول الإسلاميون بتكريم المرأة، في حين يشرعون لجلدها وحثها على حب جلادها والإخلاص له، فالقرآن واضح في آية جواز ضرب الزوج لزوجته. بينما تبقى تبريرات الضرب الخفيف التي يتحدثون عنها ضحكا على الذقون".
وطالب مقصيدي برفع القداسة عن التاريخ الاسلامي ليتم البحث فيه بحرية بدل التكفير والمحاكمات التي تنتهي غالبا بقتل الباحثين أو سجنهم أو هروبهم للعيش مشردين في المنافي.
وأضاف "هذه الإكراهات هي ما يدفع بالعديدين للابتعاد عن هذا الموضوع، وهو ما ساهم طبعا في استمرار التدليس التاريخي عند الإسلام السياسي بدعم من مؤسسات الدول الإسلامية لأهداف تخدم تحالف الأنظمة الإسلامية الفاسدة والحركات الإسلامية الإرهابية، وإن اتسمت علاقتهما بالتوتر أحيانا.
وفيما يلي نص الحوار:
آفاق: لا يختلف اثنان أنك من بين أكثر الباحثين المغاربة تناولا لوضعية المرأة في المجتمع الإسلامي، هل ترى أن الإسلام أهان المرأة؟ وكيف؟ محمد مقصيدي: بموضوعية، ليس من الممكن القول أن الإسلام أهان المرأة أو كرّمها بالمقارنة مع الظرفية التاريخية للقرن السادس. فالإسلام في العمق تعامل مع المرأة بعقلية مرحلته التاريخية والجغرافية في آخر المطاف، بالرغم من استنكار بعض الممارسات كاغتصاب الإماء مثلا. إلا أنه عموما تفوّق على بعض التنظيمات والبنيات الاجتماعية السابقة والمعاصرة، لكنه أيضا كان متأخرا جدا بالمقارنة مع بعض البنيات الأخرى المتزامنة أو السابقة له بخصوص موضوع المرأة بالتحديد...
لكننا يمكننا أن نجزم بشكل قاطع من ناحية أخرى أن تشريعات الإسلام في العصر الراهن تهين كرامة المرأة بشكل كبير جدا. فالقوانين التي يحاول تسويقها الإسلاميون والتي يأتون بها من القرون الوسطى بحجة أحكام الله الخالدة، هي اضطهاد للمرأة وتكريس لدونيتها.
من هذا السياق نحاول التوضيح أن الإسلام السياسي خارج التاريخ، أما البروباغاندا التي يؤسسون عليها تكريم الإسلام للمرأة والنقلة النوعية والقطيعة التاريخية التي أحدثها الإسلام في تاريخ البشرية لصالح المرأة هي كلها أوهام وتدليس تاريخي.
وسأسوق هنا بشكل مختصر بعض هذه الأكاذيب والمغالطات التاريخية. فالخطاب القرآني هو خطاب ذكوري محض، إذ على سبيل المثال ثمة توصيفات كثيرة للحور العين بالنسبة للرجال في الجنة، بينما لم تتكلف أية جملة قرآنية بالإشارة للعلاقة الجنسية للمرأة في الجنة كما أسهبت فيها للرجل، ثمة مسألة أخرى يلوح بها الإسلام السياسي دائما وهي إنقاذ المرأة من الوأد، والوأد أولا لم يكن مقتصرا على النساء فقط، بل يتعداه إلى الذكور في حالة الإملاق بشهادة القرآن نفسه، كما أنه لم يكن عاما كما يزعم الإسلاميون، بل فقط في بعض القبائل دون غيرها، وحتى داخل القبائل، كان داخل عائلات دون غيرها، وهو ما يحاول الإسلاميون تعميمه على المنطقة العربية، بل إن الإسلام ليس كما يزعم البعض أنه هو أول من باشر النهي عن الموءودة، بل كانت حالة مستهجنة من طرف الكثيرين، ونهى عنها العشرات من الشخوص العربية قبل الإسلام كزيد بن عمرو بن نفيل، وصعصعة جد الفرزدق وغيرهم .. بل إن النبي محمد كان عاملا عند خديجة قبل الزواج منها، وهذه لوحدها فقط تؤكد مكانة المرأة قبل الإسلام.
عموما، إنني أحاول من خلال كتاباتي التطرق للمغالطات التاريخية الكثيرة التي يسوقونها بهدف تدمير البنيات السابقة للإسلام وتشويهها لكي يظهروا الإسلام بصورة المنقذ، كما نحاول من خلال التنقيب في القرآن وكتب السنة والسيرة والفقه والمصادر التاريخية كشف الجوهر الحقيقي للإسلام السياسي الذي يجعل المرأة شيئا تابعا للمجتمع الذكوري.
آفاق: لكن الإسلاميين يقولون أن المرأة تحررت بالإسلام وليس العكس، ويعطون مثالا دائما ومستمرا في وأد البنات في الجاهلية؟ محمد مقصيدي: بما أن ثمة حرية التعبير في العالم يمكن للإسلاميين أن يقولوا ما يريدون، لكن هذا لا يغير الحقائق التاريخية، المرأة لم تتحرر مطلقا بالإسلام، بل الأصح أن الإسلام ساهم في تكريس دونيتها وتخلفها والتشريع لذلك، كما كان حجر العقبة لاحقا في انعتاقها من اللاعدالة الجنسية.
أما وأد البنات فكما ذكرت سالفا لم تكن ظاهرة عامة، وليس الإسلام هو أول من نهى عن الموؤدة، بل هو لم ينقل سوى موقف المجتمع العربي العام من هذه الظاهرة الشاذة. ولكن المسلمون يحاولون تصوير الظاهرة الشاذة على أنها هي الأصل.
ولو كان ما يقولونه صحيحا، لما وجدنا مئات النساء اللواتي كان لهن شأن كبير في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام كخديجة بنت خويلد، وهند بنت عتبة، ولما وجدنا أشعار ما قبل الإسلام التي تقدس حب المرأة ومكانتها حيث تكلمت بشكل إيجابي عن مكانة المرأة أكثر مما تكلم عنها القرآن، إلا إن أرادوا طبعا التشكيك أيضا في كل أشعار ما قبل الإسلام .
كما أنه ثمة أمر واضح وجلي، فإذا كانت شبه الجزيرة العربية تقتل رضيعاتها، فمن أين أتت كل النساء التي ضجت بهن المنطقة؟ وكيف في ظل هذا الخصاص النسوي- لقتلهن - أن يتم التشريع للزواج بأربعة نساء بالإضافة إلى عشرات ملك اليمين؟؟ كل تلك الحكايات هي خرافات وبروباغندا فقط لا أقل ولا أكثر.
آفاق: يعني أن الإسلام لم يحرر المرأة؟ محمد مقصيدي: أكيد، أن الإسلام لم يحرر المرأة، وإلا ما معنى السماح باغتصاب الإماء؟ والزواج بأربعة، ونصف الميراث ونصف الشهادة ... الخ بدون الإحالة على الغيبيات والحكمة الإلهية المستحيل معرفتها والتخويف بعذاب القبور.
إن الإسلام حاول تقديم إجابات مرحلية لوضعية المرأة، لكن طبعا بعقلية القرون الوسطى التي بقي سجينا فيها، والتي هي ذكورية بامتياز. إنه حاول تجاوز بعض الظواهر، لكنه لم يختلف عن السائد. بل ارتكس في أحايين كثيرة عن حقوق اكتسبتها المرأة في مناطق مجاورة في نفس المرحلة التاريخية.
آفاق: في أحد بحوثك قلت أن الإسلاميين يكرمون المرأة بالجلد والاغتصاب. حدثني عن رؤيتك لهذه النقطة تحديدا؟ محمد مقصيدي: صراحة، لا زلت لم أفهم كيف يقول الإسلاميون بتكريم المرأة، في حين يشرعون لجلدها وحثها على حب جلادها والإخلاص له، فالقرآن واضح في آية جواز ضرب الزوج لزوجته. بينما تبقى تبريرات الضرب الخفيف التي يتحدثون عنها ضحكا على الذقون. إلا إذا كانت الجملة القرآنية تتحدث عن اللعب بين الزوج وزوجته، ولا أظن من سياقها وشروحتها أنها تفصل في اللعب، بل في إرهاب الزوج لزوجته لجعلها تطيعه وتخنع عليه. فالضرب يبقى ضربا، وإلا ما المبرر منه؟
لقد كان على الإسلام السياسي احترام إرادة المرأة، لأنه لا مجال للحب والتعايش وتكريم المرأة في بيت يرهبها فيه الزوج بالضرب. أما الاغتصاب الذي يكرم به الإسلاميين المرأة فأمره أيضا عجيب. فنكاح الإماء بدون إرادتهن هو مباح، ونكاح بنت العشر سنوات والطفلات الصغيرات هو مباح بل سنة، وعدم رغبة الزوجة في المعاشرة الجنسية للزوج يستدعي لعنة الملائكة لها. والحكم على المرأة بالسجن المؤبد في المنزل هو تكريم للمرأة... طبيعي جدا. في الإسلام السياسي احتقار المرأة يصبح تقديسا للمرأة، وجلدها واغتصابها هو تكريم لها، والسجن المؤبد لها هو حقوق المرأة في الإسلام، ونصف شهادتها ونصف ميراثها هو قمة العدالة بين الجنسين... هذا منطق الإسلام السياسي المدعوم بعذاب القبر والإرهاب بالجحيم، بالإضافة إلى الإرهاب الدنيوي بالسيف والعضلات طبعا.
آفاق: لعل الملفت للانتباه أنك تتكلم بشكل خاص عن الإسلاميين كأداة كُـرست لخدمة أفكار معينة ليست بالضرورة قريبة من الإسلام نفسه. ما رأيك؟ محمد مقصيدي: ثمة نقاط التقاء واختلاف بين الإسلام والإسلام السياسي، كما ثمة اختلاف بين الإسلاميين والمسلمين. الإسلام في نظري هو شيء متعدد ولا يمكن لأحد أن يقول هكذا هو الإسلام. فثمة إسلام معاوية، وإسلام الحلاج، وإسلام الوهابيين، وإسلام إبن عربي .. ومن تم لا يمكن الحكم عن الإسلام بالإرهاب لأنه ليس نمطي أو ثابت. بل في القرآن نفسه جملة تقول أن الإسلام هو ملة إبراهيم وهو أول من سمى أتباعه بالمسلمين. ثم ما معنى الإسلام؟ حيث نورد هنا منطوق الجملة القرآنية التي تهاجم الأعراب وتنفي عنهم الإيمان، وتقول لهم أن ثمة فرق كبير بين المسلمين والمؤمنين.
لا أريد الدخول في التفاصيل، لكن الإسلام عموما هو علاقة الإنسان مع الله ولا يمكن أن توصف بالإرهاب بشكل ميكانيكي، لكن الإسلام عندما ينتقل إلى علاقة الإنسان بالإنسان باسم الله يصبح إسلاما سياسيا بقوة الواقع، ويأخذ مساره عموديا نحو الإرهاب.
إن تعريف الإسلام هو شخصي ومتطور، بينما الإسلام السياسي يهدف إلى إلغاء الآخر وهو بالضرورة إقصائي وإرهابي. إن تعريف الإسلام المؤسساتي هو الإسلام السياسي .
آفاق: ألا يمكن القول أن الإسلام منح للمرأة حقوق سرقها منها الإسلاميون المتطرفون؟ محمد مقصيدي: لا، ليس صحيحا. الإسلام هو علاقة الإنسان مع الله. ولا يمكنه أن يدخل في علاقة الإنسان مع الإنسان بشكل قطعي وتوجيهي.
الإسلام كتنظيم اجتماعي أو سياسي أو قانوني هو بالضرورة إسلام سياسي. وإعادة إنتاج البنيات الاجتماعية والتنظيمية للقرون الوسطى باسم الإسلام هو أمر سوريالي ويسيء للمرأة وللإسلام بشكل مستفز كثيرا.
أما الحديث عن ما قدمه الإسلام للمرأة من طفرة نوعية في العلاقات هو تدليس تاريخي ليس إلا كما أشرنا. فالدين مسألة روحية، أما القوانين والحقوق والواجبات فهي تخضع للعقل وليس للغيبيات والخرافات.
آفاق: على الرغم من كل الأخطاء التي ارتكبتها التيارات الإسلامية على مدى التاريخ، وبرغم الجدال المطروح حول علاقة الدين بالسياسة فإن وصول الإسلاميين إلى السلطة يبدو دائما بنفس الأطروحة التي تستمد قوتها من القاعدة الشعبية. كيف ترى ذلك؟ محمد مقصيدي: ثمة قصور كبير في العالم الإسلامي في فهم الديمقراطية. إن الديمقراطية التي يعرفونها بسلطة الشعب، وهي الترجمة الحرفية باليونانية، هي مفهوم ظهر قبل الإسلام بقرون كثيرة. والديمقراطية عرفت تطورات تاريخية مع تطور الفكر البشري، ولم تبقى جامدة مثل الدين الإسلامي وذلك بفضل تطور الفكر البشري السياسي. فلا يمكن الحديث عن ديمقراطية بدون الحديث عن الاختلاف، وحق تأسيس أحزاب معارضة وحقوق الإنسان ...
إن الإسلام السياسي لا يريد من الديمقراطية إلا صناديق الاقتراع لأنه يعيش خارج التاريخ. لا يمكن السماح في العالم بإقامة نظام نازي أو فاشي بحجة أنها نتائج الانتخابات. وهو ما يحصل مع الحركات الإسلامية. يريدون تدمير الديمقراطية وحقوق الإنسان بدعوى أنهم وصلوا إلى الحكم باسم الديمقراطية. لا يمكن السماح لهم باستعمال الديمقراطية والتحجج بها لتدمير الديمقراطية. فمن يريد ممارسة الديمقراطية عليه الإيمان أولا بالمبادئ الأساسية للديمقراطية باحترام الإنسان وحرية العقيدة والحريات الشخصية بصفة عامة والسماح بحرية التعبير عن الرأي المعارض بكل حرية. إنهم ديكتاتوريون بكل بساطة وإرهابيون، أما حجة الشرعية الشعبية لكونهم ديمقراطيين فهي تبريرات مضحكة.
آفاق: منذ أسابيع أثير جدالا واسعا بسبب تناولك لموضوع صحيح البخاري الذي يظل موسوعة إسلامية مقدسة، ما الذي حاولت الوصول إليه في بحثك حول الأحاديث التي جاءت في صحيح البخاري؟ محمد مقصيدي: إن صحيح البخاري ليس صحيحا. وهو يسيء إلى الإسلام السياسي والإسلام . لأن ما يتضمنه من خرافات يجعله كتابا يشبه خرافات ألف ليلة وليلة. حاولت أن أقول أن صحة البخاري هي فقط مسنودة بالسلطة السياسية والإرهاب. أما تناقضات الأحاديث التي يتضمنها فيجعل أي شخص مسلم عاقل يرتد عن الإسلام مباشرة بعد قراءته المتأنية للبخاري إن سلم بصحته. ثمة نقطة أخرى أردت الإشارة إليها، وهي ضرورة استعمال العقل بدل الركون إلى مسلمات وشروحات وتأويلات الإرهابيين. لقد حان الوقت ليستأنس المسلمون بالعقل.
آفاق: نفس الجدال أثير حول ما قاله الدكتور "مصطفى بوهندي" بالتشكيك في مصداقية أبي هريرة، هل تعتبر أن مشكلة التأريخ الإسلامي في أنه لم يتم تناوله بالنقاش والتشريح بسبب هالة القداسة التي يتوشحها؟ محمد مقصيدي: التاريخ الإسلامي مكتوب بصوت واحد. وحتى صوته الواحد لم يسلم من تناقضات صارخة، ويكفي الإطلالة على أربعة مصادر إسلامية تاريخية أو فقهية بشكل عشوائي ليتضح للشخص حجم الكوارث النظرية والعملية والتناقضات التي يحتويها. إن المؤسسات الإرهابية مثل الأزهر أو القرويين أو هيئات الإفتاء التي تضع الخطوط الحمراء على التاريخ الإسلامي تساهم في تخلف الإسلام. يجب أن ترفع القداسة عن التاريخ ليتم البحث فيه بحرية بدل التكفير والمحاكمات التي تنتهي غالبا بقتل الباحثين أو سجنهم أو هروبهم للعيش مشردين في المنافي.
هذه الإكراهات هي ما يدفع بالعديدين للابتعاد عن هذا الموضوع، وهو ما ساهم طبعا في استمرار التدليس التاريخي عند الإسلام السياسي بدعم من مؤسسات الدول الإسلامية لأهداف تخدم تحالف الأنظمة الإسلامية الفاسدة والحركات الإسلامية الإرهابية، وإن اتسمت علاقتهما بالتوتر أحيانا.
آفاق: أين يكمن الخلل في نظرك إذا؟ محمد مقصيدي: يكمن الخلل في الديكتاتورية ، في الإرهاب ، في سيادة الصوت الواحد، في عدم احترام حقوق الإنسان ... يكمن في المشاكل الجوهرية التي تعاني منها شعوب الدول الإسلامية منذ الإسلام إلى اليوم. إن الصلب والتعذيب وقتل المعارضين واغتيالهم ومحو العقل هو ما يسند أكاذيب الإسلام السياسي وتاريخه المزور. إن الخلل يكمن في الإرهاب المادي والمعنوي الذي يدافع أن تعيش الدول الإسلامية في كهوف القرون الوسطى إلى الأبد.
آفاق: بعض الأطروحات تكلمت أن انتشار الفكر الشيعي في المغرب سببه الفكر السني الوهابي، هل ترى أن الفكر الشيعي أكثر مدنية من السني؟ محمد مقصيدي: ليس في القنافذ أملس. الفكر الشيعي لا يختلف عن الفكر السني لأنهما يتأسسان على نفس الأرضية الإرهابية الإقصائية التي تريد أن تمارس الحكم باسم الله. إن كل الحكومات باسم الإسلام بالضرورة إرهابية وتغذي الإرهاب. وكل الحركات الإسلامية أو الأحزاب الإسلامية مهما حاولت تنميق صورتها هي إرهابية وتمارس الإقصاء بشكل جلي، رغم اعتماد بعضها على مفهوم التقية. فالمغرب إن أراد انتشار المدنية والتحضر فعلا، عليه أن يعلن علمانية الدولة التي تضمن حرية الدين والاعتقاد والتعبير، وأن تبنى الدولة على احترام الديانات وأن يتم التشريع من خلال تراكمات الفكر البشري الحضاري وليس من داخل بنية دينية استنفدت شروط وجودها.
عموما، إن انتشار الفكر الشيعي يمكن القول أنه انبهار بالثورة الإسلامية الخمينية انطلاقا من معاداة الغرب والجهاد ... الغريب أن الإسلام السني الوهابي هو من يغذي هذا العنف والإرهاب من خلال مؤسساته كوزارات التعليم والإعلام و..و..و..إنه بشكل قطعي، الإرهاب الوهابي يساوي تماما الإرهاب الشيعي.
آفاق: هنالك أيضا ظاهرة التطرف الذي انتشر بين الشباب المسلم في أوروبا، في دول جنوب أوروبا على سبيل المثال. هل تعتقد أن ذلك سببه النظرة الدونية للمجتمع الغربي إزاء الإنسان المسلم أم هنالك أسباب أخرى؟ محمد مقصيدي: أعتقد أن النظرة الدونية من طرف الغرب بالنسبة للمسلمين هي المحرك الأساسي للإرهاب. وإن تكن ثمة بعض الحالات المنفردة القليلة جدا، ولكنها في نفس الوقت حتى وإن وجدت لا تكون إلا عاملا ضعيفا لانتشار التطرف. ثمة تداخلات كثيرة وأسباب متعددة ومتشابكة، لكنني أرى أن الإسلام بشكله الحالي هو السبب الأول والحقيقي لانتشار الإرهاب.
إن الإرهاب يتواجد في بنية الإسلام السياسي نفسه. إن المهاجرين الذين عاشوا لسنوات طويلة في العالم الإسلامي لا أستغرب تطرفهم. لأن دولهم تكفلت بزرع الحقد اتجاه الآخر وتغذية التطرف لديهم. بداية من الساعات الكثيرة في مدارسها لتدريسهم أصول التربية الإسلامية. ويمكننا أن نتصور الشتائم المتتالية لليهود والكفار عبر الجمل القرآنية والإسهاب في إضافة شتائم أخرى من السنة لشرح تلك الشتائم القرآنية.
يمكننا تصور حجم الحقد والتطرف والإرهاب بتلقين آيات الجهاد والقتل والذهاب المباشر للجنة بعد الشهادة. وكيف تتحدث الدول الإسلامية عن افتخارها حتى اليوم بالفتوحات الإسلامية وتدافع عن سبي النساء والسرقات باسم الجهاد. فإن كانت هذه هي مواقف الدول المعتدلة التي تربطها روابط عالمية مع الغرب، فما هي مواقف من تلقنه هذه الدول خرافات ضرورة الجهاد وأن الإسلام يجب أن يشمل كل العالم ، وقتل المرتد والكافر ...
إنني أفهم هؤلاء القادمين من العالم الإسلامي ، ورغبتهم الملحة في الذهاب إلى الجنة عبر الشهادة، خاصة إن تضافرت أحيانا العوامل الاقتصادية السيئة .. أما بالنسبة للمسلمين الغربيين أو من ولودوا في الغرب، فالسبب الرئيسي هو بنية الإسلام الحالي المؤسساتي من ناحية، بالإضافة إلى بعض المشاكل الدولية أو الإحساس باللاعدالة الاجتماعية أو البحث عن عوالم جديدة ... ثمة تداخلات كثيرة ، لكن الأساسي والجوهر دائما هو طبيعة الإسلام الذي تروج له المؤسسات والدول الإسلامية، هذا دون تغييب الأمية والجهل ومكانة العقل الثانوية عند المسلمين ...
آفاق: ما الذي يجعل في نظرك شاب درس في أوروبا وتربى هناك يتحول إلى إسلامي متطرف مستعد لتفجير نفسه في أحد الأسواق كما حدث مع شباب ألمان من أصول مغاربية نشروا تهديدات عبر اليوتيب ضد ألمانيا؟ محمد مقصيدي: لقد أشرت إلى الموضوع بشكل عام سابقا. لكنني سأحاول التركيز في هذه النقطة عن بعض الأسباب التي تدفع بالشباب أو حتى الشيوخ أحيانا للتطرف والاستعداد للقتل والإرهاب، أعود وأقول إن الإسلام الحالي بالشكل الذي تروج له الدول الإسلامية وتدعمه لا يمكن إلا أن يؤدي إلى الإرهاب، فهذا في نظري سبب كافي للإرهاب حتى ولو غابت كل الأسباب الأخرى.
لذلك على المسلمين إعادة قراءة القرآن بشكل مختلف تماما، وأن يحاولوا بناء الإسلام بشكل يساير العصر. وعلى الدول الإسلامية أن تلعب دورها الإيجابي في المسألة. ثم نأتي للأسباب الأخرى السيكولوجية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية و..و.. فمثلا بعض الأخطاء التي ترتكبها إسرائيل في مواجهة الحركة الإرهابية حماس تؤدي إلى تأجيج العنف وتغذية الفكر الإرهابي كما حدث في الحرب الأخيرة. إن جهات ومؤسسات كثيرة في العالم تنتظر مثل هذه الهدايا لتصوير الغرب بعدو الإسلام وبأن إسرائيل دولة إرهابية وأن الكل يريد قتل المسلمين ..
من هنا، وبالإحساس باللاعدالة الدولية يبدأ الإيمان بالفكر الإرهابي والتفكير فيه بقوة. وأظن حقا، أن تأسيس دولة فلسطينية تعيش بتعايش وجوار مع إسرائيل سيشكل ضربة قاصمة للفكر الإرهابي في العالم، رغم أنه لن ينهيه، فنهاية الفكر الإرهابي لن يتوقف إلا بإعادة صياغة الإسلام بشكل يحترم حقوق الإنسان وما وصل إليه الفكر الحضاري.
أما الأحلام بالبطولة التاريخية والدوافع السيكولوجية الأخرى، إلى جانب عدم الرضا بنمط الحياة والمشاكل الاقتصادية يشكل حوافز للذهاب السريع إلى الجنة ما دام الله في الإسلام يكافئ على الإرهاب بالحور العين والحياة الرغدة الخالدة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق