الجمعة، 11 ديسمبر 2009

عقاب الزوجة في الإسلام

عقاب الزوجة في الإسلام
بقلم مالك مسلماني
Oct 04, 2009
عقاب الزوجة في الإسلام
Wife Punishment in Islam

الرجلُ في الإسلام زعيم البيت، ومرجع زوجته فيما يخص الصواب والخطأ. وفي حال أخلّت المرأة بالقواعد التي وضعها، فإن القرآن منحه حق معاقبتها، فقال له: <وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ، فَعِظُوهُنَّ، وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ؛ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ، فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً>[1].

النّشوز:
سمّت الآية كسر القواعد التي رسمها الرجل «نشوزاً». ونقرأ في لسان العرب: «نَشَزَت المرأةُ بزوجها وعلى زوجها تَنْشِزُ وتَنْشزُ نُشُوزاً، وهي ناشِزٌ: ارتفعت عليه واستعصت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته». ويعرّف ابن تيمية النّشوز: «هو أن تنشزَ عن زوجها فتنفر عنه، بحيث لا تطيعه إذا دعاها للفراش أو تخرج من منزله بغير إذنه، ونحو ذلك مما فيه امتناع عمّا يجب عليها من طاعته»[2]. أي إن كل تعبير عن الذات من جانب المرأة، إنْ كان على المستوى الجنسي مثل الامتناع عن تلبية رغبات الرجل الجنسية، أو على المستوى السلوكي من رفض الخضوع لأوامر الزوج الجائرة مثل البقاء في المنزل، يُنظر إليه من زاوية الآية على أنه فعل عصيان، وحينها يجب أن يتدخل الزوج لتهذيب زوجته بأدوات المعاقبة الثلاثة التي حددتها الآية: العظة ـ الهجران في المَضْجَع ـ الضرب.
الوعظ
في البدء يذكّر الرجلُ المرأةَ بحقوقه التي منحته إياه الشريعة، فيقول لها على سبيل المثال: «اتقيِ الله! فإن لي عليك حقاً، وارجعي عما أنت عليه، واعلمي أن طاعتي فرض عليك»[3]. فإن لم تستجب للوعظ، ينتقل الرجل إلى المستوى الثاني من العقاب.
الهجران
تتنوع أقوال العلماء حول المستوى الثاني من العقاب (الهجران). ولدينا الأقوال التالية عن معنى <وَاهْجُرُوهُنَّ>:
1. الامتناع عن ممارسة الجنس معها، وعدم محادثتها[4]؛
2. عدم التكلم معها من غير أن يترك الرجل ممارسة الجنس[5]، لأن الجنس حقٌ له. وقيل على لسان ابن عباس: «يَهْجُرُها بلسانِه، ويُغْلِظُ لها بالقول، لا يَدَعُ جِماعَها»[6].
3. تقييد الزوجة واغتصابها، وهو رأي اختاره الطبري في تفسيره[7]. وللبرهنة على صحة تأويله يستعرض الطبري معاني مفردة «الهجر» في المعجم العربي، ويشير إلى أحد هذه المعاني هو: هجْرُ البعيرِ، إذا رَبَطه صاحبُه بالهِجَارِ، والهِجَارُ حبلٌ يُربَطُ في يد البعير في أحد الجانبيْن[8]. ويضيف الطبري:
«فأَولى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك أن يكونَ [قولُ الآية] <وَاهْجُرُوهُنَّ> مُوَجَّهاً معناه إلى معنى الرَّبْطِ بالهِجارِ، على ما ذكرنا من قيلِ العربِ للبعيرِ إذا رَبَطه صاحبُه بحبلٍ على ما وَصَفنا»[9].
ويلقى هذا التأويل تأييداً من جانب مجموعة واسعة من العلماء، الذين قالوا إن معنى <وَاهْجُرُوهُنَّ> «أكرهوهنَ على الجماع واربطوهن، من هجر البعير إذا شدَّه بالهِجَارِ»[10].
الضرب
على الرجل أن يبث الرعب في نفس المرأة، وفق القول المحمديّ: «علّق سوطك حيث يراه أهلك»[11]. ويلخص مفسرٌ قواعد العقاب:
«الضّرب الخفيف كاللطمة وكاللَّكْزة، ونحوها مما يشعر بالاحتقار، وإسقاط الحرمة، ثم الضّرب بالسّوط والقضيب الليّن ونحوها مما يحصل به الألم والإنكاء، ولا يحصل عنه هشم، ولا إراقة دم، فإنْ لم يفدْ شيءٌ من ذلك ربطها بالهِجَارِ، وهو الحبل، وأكرهها على الوَطْء، لأن ذلك حقه»[12].
عندما نحلل هذا التعريف، نجد:
1. إن الضرب يهدف إلى تحطيم كرامة المرأة، وإشعارها أنها كائن دوني لا كرامة له («الاحتقار، وإسقاط الحرمة»)، تمهيداً لأحكام السيطرة النفسية عليها؛
2. الهدف المبتغى من الضرب هو الاغتصاب («وأكرهها على الوَطْء، لأن ذلك حقه»). والإكراه على الجنس بالضرب أكده ابن عباس، الذي قال إن للرجل الحق بأن يستمر بضرب زوجته «حتى تُطِيعَه في المضَاجعِ»[13]؛
3. إن فشل الضرب في إجبار الزوجة على الجنس، يقوم الزوج بربط زوجته واغتصابها.
4. نجد في التعريف مفردة «الوَطْء»، وهي مفردة متداولة في كتب اللغة وفي مصادر الفقه، فيقال: «وَطِئَ المرأةَ يطؤُها: نكَحَها». و«الوَطْءُ في الأصلِ: الدَّوسٍ بالقَدَمِ»[14]. وتعكس هذه المفردة تصور هذا المجتمع للجنس، حيث يُنظر إلى الممارسة الجنسية على أنها فعل يطأ الرجل جسد المرأة. وتعبّر هذه المفردة عن رغبات عنف وعن نزوع لتحقيق إشباع سادي.
الآية القرآنية لا تحدد كيفية وحدود الضرب، لكن الشارحين يقولون إن محمداً شرط أن يكون الضربُ: «ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ»[15]. وأما كيف فُهم هذا الضرب «غير مُبَرِّحٍ»، فهو:
1. كاللَّكْزة ونحوها[16]؛
2. ألا يكون على الوجه[17]؛
3. ألا يكسر لها عظماً[18]؛
4. يجوز للرجل أن يستخدم أدوات مثل السِّوَاك[19]، أو «بِالشِّرَاكِ [شريط الحذاء] وَنَحْوهِ»[20].
الضرب ينال المرأة على كل تصرف يكرهه الزوج أو على أي فعل يثير غضبه[21]. ولا يحق لأحد أن يلوم الزوج على ما يقترفه بحق زوجته، فذات مرة ضرب عمر بن الخطاب زوجةً له، فسمع لوماً، فقال محمد: «لا يُسألُ الرجلُ فِيمَ ضَربَ أهْلَهُ»[22]. وفي مناسبة أخرى قال عمرُ لرجل إن محمداً قال: «لا تسألْ الرجلَ فيمَ ضرب امرأته»[23]. ولهذا، فإن أبا بكر، لم ينبس ببنت شفة حينما كانت ابنته أسماء تتعرض للضرب من جانب زوجها، إذْ وصفت أسماء زوجها بالكلمات التالية: «إذا غضب [الزّبير بن العوّام] على إحدانا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها»[24]. وذات مرة اشتد غضبه عليها وعلى ضّرة لها، فقام ﺒ «عقد شعر واحدة بالأخرى، ثم ضربهما ضرباً شديداً»[25]. وذات مرة جاء عمر بن الخطاب محمداً، وقال له إن نساء المهاجرين صرن أكثر جراءةً في المدينة منهن في مكة، فأذن محمد في ضربهن، وليلتها ضُربت الكثيرات، وقيل إن سبعين امرأة جاءت زوجات محمد يشكون أزواجهن[26].
ما زال الأدب الإسلامي الحديث والمعاصر يقدّر قيمة الضرب عالياً في حلّ الخلافات الزوجية، وينظر إلى نتائجة «التربوية» بعين الرضى، وهذه أمثلة:
المثال الأول ـ من «تفسير المنار» لمحمد عبده، أحد رواد النهضة العربية (!):
«يستكبر بعض مقلدة الإفرنج في آدابهم منا مشرعية ضرب المرأة الناشز لا يستكبرون أنْ تنشز وتترفع عليه فتجعله وهو رئيس البيت مرؤساً بل محتقراً، وتصر على نشوزها حتى لا تلين لوعظه ونصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره، ولا أدري بمَ يعالجون هؤلاء النواشز وبمَ يشيرون على أزواجهن أن يعاملوهن [...] فأي فساد يقع في الأرض إذا أبيح للرجل التقيّ الفاضل أن يخفض من صلف إحداهن [... و] من نشز غرورها بسواك يضرب به يدها، أو كف يهوي بها على رقبتها؟ إن كان يثقل على طباعهم إباحة هذا فليعلموا أن طباعهم رقّت حتى انقطعت وأن كثيراً كثيراً من أئمتهم الإفرنح يضربون نساءهم العالمات المهذبات، الكاسيات العاريات، المائلات المميلات، فعل هذا حكماؤهم وعلماؤهم، وملوكهم وأمراؤهم، فهو ضرورة لا يستغني عنها الغالون في تكريم أولئك النساء المتعلمات، فكيف تستنكر إباحته للضرورة في دين عام للبدو والحضر، من جميع أصناف البشر»[27].
النموذج الثاني ـ من معاصر يورد حرفياً كلمات «رائد التنوير»:
«وقد يستعظم بعض من قلد الإفرنج من المسلمين مشروعية ضرب المرأة الناشز ولا يستعظمون أن تنشز وتترفع هي عليه فتجعله وهو الرئيس مرءوساً محتقراً وتصرّ على نشوزها فلا تلين لوعظه ونصحه ولا تبالي بإعراضه وهجره، فإن كان قد ثقل ذلك عليهم فليعلموا أن الإفرنج أنفسهم يضربون نساءهم العالمات المهذبات، بل فعل هذا حكماؤهم وعلماؤهم وملوكهم وأمراؤهم، فهو ضرورة لا يستغنى عنها ولاسيما في دين عام للبدو والحضر من جميع أصناف البشر، وكيف يستنكر هذا والعقل والفطرة يدعوان إليه إذا فسدت البيئة وغلبت الأخلاق الفاسدة، ولم يرَ الرجل مناصاً منه ولا ترجع المرأة عن نشوزها إلاّ به»[28].
النموذج الثالث ـ لمحمد متولي الشعرواي، أكبر عالم مصري حديث، والذي مارس تأثيراً كبيراً على عقول المتلقين العرب:
«إن الضرب ليس علامة الكراهية، ولكنه قد يكون علامة حب، وأنه ما دام غير مبرح فإنه يسبب ألماً بسيطاً، وأن الإنسان قد يلجأ إلى ضرب خفيف مع من يحب لأنه يحب مصلحته، ويهمه أمره.
والمرأة بطبيعتها تتفهم ذلك من زوجها، وتعرف أن غضبه عليها ومعاقبته لها.. سرعان ما يتلاشى ويزول بزوال أسبابه، فتدوم بينهما العِشْرة وكأن شيئاً لم يكن»[29].
في هامش كتاب: «الإسلام في قفص الاتهام»، يورد المؤلف اقتباساً لعالم نفسي غربي يدعى G. A. Hadfield. لنقرأ هذا الاقتباس المنسوب لهذا العالم:
«غريزة الخضوع تقوى أحياناً، فيجد صاحبها لذة في يكون مُتَسَلَّطاً عليه، ويحتمل لذلك الألم بغبطة، وهذه الغريزة شائعة بين النساء... والزوجة من هذا النوع تزداد إعجاباً بزوجها كلما ضربها وقسا عليها... ولا شيء يحزن بعض النساء مثل الزوج الذي يكون رقيق الحاشية دائماً، لا يثور أبداً على الرغم من تحديه»[30].
المؤلف الإسلامي لا يذكر لنا اسم المصدر (البحث أو الكتاب) الذي أخذ منه الاستشهاد، ولا يعرفنا بالعالم النفساني. وقد بحثنا عنه في «Google books»، ولم نجد هذا الاسم، وبكل الأحوال، سنسقط من حسابنا أن هذا تزييف من الكاتب الإسلامي، وسنفترض أن العالم النفساني الوارد ذكره شخصية حقيقية، فمن المحتمل أنه كان يتناول الشخصية المازوخية، بيد أن طريقة إيراد الاقتباس تجعل القارئ يظن أن الاقتباس يفيد أن المرأة تتشوق للكمات الرجل، وأن بعض النساء يصبن بالخيبة إن كان الزوج «رقيق الحاشية». وحاشا لله أن يخذل المسلم زوجته في أشواقها الرومانسية!
المرأة دمية للجنس
للرجل في الإسلام السيادة المطلقة على زوجته، والعلاقة بينهما هي علاقة سيد وعبد، كما جاء في حديث محمدي: «لو أَمَرْت أحداً أنْ يسجدَ لأحدٍ لأِمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسجد لِزَوْجِها»[31]؛ ولهذا يعتبر المسلمُ المرأةَ أداة إشباع لرغباته الجنسية، وله أن يفرض عليها ذلك شاءت أم أبت. وفي كل أحوالها: راغبةً أم كارهةً، سليمةً أم سقيمةً، فجسدها له. ولو كانت تشتغل بإعداد الخبز للأسرة، فعليها أن تترك ما بيدها وتسارع لإشباع غريزة الزوج إن نادتها حسب الحديث المحمدي[32]. وها هي الأحاديث تؤكد على ذلك:
ـ «لا تَمْنَعْه نفسَها وإنْ كانت على قَتَبٍ»[33]. [القَتَب: ما يُوضع على ظهر البعير للركوب، ويكون على قدر السَّنام].
ـ «إنَّ مْن حَقِّ الزَّوجِ عَلَى الزَّوْجَةِ إذا أَرَادَاه فَرَاوَدهَا عَلَى نَفْسِهَا وهَيَ عَلى ظَهْرِ بَعِيرٍ لا تَمْنَعُهُ»[34].
ـ «إيما امرأةٍ باتت هاجرةً فراشَ زوجها، لعنتْها الملائكةُ حتى تُصبح» وفي رواية: «حتى تُراجعَ وتضعَ يدَها في يده»[35].
ـ «إذا دعا الرجلُ امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكةُ حتى تُصبح»[36].
ومن ينظرْ في مصادر التفسير والأحاديث يجدْ عشرات الأحاديث بهذا الشأن.

خاتمة
يسمع المسلمُ منذ نعومة أظافره وفي مختلف المناسبات (في المسجد والمدرسة وأثناء تلاوته للقرآن): فعِظُوهُنَّ، وَاهْجُرُوهُنَّ، وَاضْرِبُوهُنَّ. هذا الترديد الطقوسي (عظْ ـ اهْجُرْ ـ اضْرِبْ) يدخل في بنية المسلم النفسية، فتغدو هذه النصائح جزءاً مكوناً للاشعوره، ويتأسس في وعيه طريقة معاملته للمرأة، وتصير مكانتها في بيت الزوجية لكن لا ككائن مساوٍ له بل بوصفها أمةً لشهواته، وبما أنها رقيقة، فيحق له أن يملك جسدها وروحها. وفي النزاعات الزوجية، ليس للرجل الكلمة العليا، بل اليد العليا، يضرب متى شاء ولأي سبب شاء، لا يُسئل «فيمَ ضرب امرأته»، فهو المدعي والقاضي والجلاد. هو صاحب جميع السلطات. هو المتصرف بجسدها، فإكراهه إياها على الجنس ليس اغتصاباً، بل حق مشروع.
منذ خمسة عشر قرناً والمرأة المسلمة تتعرض لاضطهاد نفسي وجسدي. ولهذا نجد أن صوت الاحتجاج على واقع المرأة يصدر خافتاً من المرأة، فالقلة القليلة من تخطت بعض القواعد الجائرة، وأقل منها مَنْ خرجت تطالب بالحقوق، وتبقى هذه الأقلية الضيئلة مجرد أصوات بالكاد يصل همسها بسبب ضآلة المطالبات بالحرية قياساً بالجمهور النسائي العريض الذي لم يتوفر له الظروف بعد لكسر القيود.
ـــــــــــــــــــ
[1] سورة النساء: 4/ 34.
[2] التفسير الكبير: 3/ 238، قارن: الطبري: 6/ 696 ـ 697.
[3] الرازي: 10/ 93.
[4] الطبري: 6/ 701؛ ابن كثير: 4/ 25؛ أحكام القرآن: 1/ 533.
[5] الطبري: 6/ 702.
[6] الطبري: 6/ 704؛ قارن: القرطبي: 6/ 284، الدر المنثور: 4/ 403.
[7] القرطبي: 6/ 285.
[8] الطبري: 6/ 705.
[9] الطبري: 6/ 707.
[10] الزمخشري: 2/ 70.
[11] الزمخشري: 2/ 70.
[12] البحر المحيط: 3/ 252.
[13] الطبري: 6/ 709.
[14] لسان العرب، مادة وطأ.
[15] الطبري: 6/ 709 ـ 710.
[16] القرطبي: 6/ 285.
[17] الطبري: 6/ 708.
[18] الطبري: 6/ 711.
[19] الطبري: 6/ 711 ـ 712.
[20] الثعالبي: 2/ 230.
[21] القرطبي: 6/ 286.
[22] القرطبي: 6/ 287، الدر المنثور: 4/ 406.
[23] ابن كثير: 4/ 29.
[24] الزمخشري: 2/ 71.
[25] البحر الميحط: 3/ 252. قارن: القرطبي: 6/ 285؛ أحكام القرآن: 1/ 533.
[26] الرازي: 10/ 93، قارن: ابن كثير: 4/ 27 ـ 28.
[27] المنار: 5/ 74 ـ 75.
[28] المراغي: 5/ 29.
[29] الشعرواي، 98.
[30] الإسلام في قفص الاتهام، 237، هامش رقم 29.
[31] القرطبي: 6/ 283، قا: آداب النكاح، 70 ـ 71 ومن وصايا، 97 و98.
[32] الدر المنثور: 4/ 406.
[33] القرطبي: 6/ 283.
[34] آداب النكاح، 71.
[35] القرطبي: 6/ 283.
[36] من وصايا، 100.

الخميس، 3 ديسمبر 2009

العقل اللاخلاقي العربي

لا يمكن فصل الكوارث والأزمات التي تحلّ بالعالم العربي على اختلاف درجاتها وأشكالها، عن المكوّن الأخلاقي والقيمي الذي بات يسكن الشخصية العربية. وتشير جُملة الأزمات والمشكلات التي طفت على السطح العربي مؤخراً إلى مدى الترّدي الذي أصاب هذا المكوّن ويكاد يفسده تماماً. ويبدو أن العقل الأخلاقي العربي (منظومة القيم والسلوكيات التي تحكم الشخصية العربية) قد أصابه السقَم والعِلل حتى بات هو نفسه جزءاً من أزمة «الإنسان» العربي وليس حلاً لها.
ونظرة أفقية على المشهد العربي الراهن تكشف حجم الانهيار الأخلاقي والقيمي الذي وصلت إليه المجتمعات العربية بمستوييها الرسمي والشعبي. فما حدث بين مصر والجزائر مؤخراً لم يكن مجرد خلاف «كروي» ساذج، أو تفريغ شحنة زائدة من الغضب الوطني «المصطَنع»، وإنما بالأحرى هو دليل حيّ على نوعية الأمراض التي توطنت العقل «الأخلاقي» العربي وعينة نموذجية لرداءة وانحطاط الشخصية العربية. فقد انخرط كلا الطرفين، في حالة من الغضب والكراهية للطرف الآخر ربما تحتاج إلى سنوات كي تتم إزالة ترسباتها. وقد ظن البعض في البداية أن الأمر مجرد مشاكسة بسيطة، ولكن الأمر تدحرج ككرة الثلج كي ينتج أزمة دبلوماسية، ربما تؤدي إلى قطيعة تاريخية لم يتوقعها أكثر الناس تشاؤماً. وكأن البلدين كانا ينتظران الفرصة للتعبير عما يدور في عقلهما «الأخلاقي»، كلٌ تجاه الآخر، ووجدا ضالتهما فى مباراة لكرة القدم. ناهيك عما حملته هذه الأزمة من تأويلات سياسية واقتصادية زادت من تعقيدها وأنهت صفحة بيضاء في تاريخ الشعبين المصري والجزائري.
رؤية تفكيكية أولية للعقل «لأخلاقي» العربي تكشف حجم التناقضات والمفارقات التي يمارسها هذا العقل ليل نهار، والتي باتت بدورها مكوناً أساسياً في الشخصية العربية الراهنة التي أصابتها الشيزوفرينيا والعصبية البغيضة. لعل أول هذه التناقضات هو الفجوة الهائلة في العلاقة بين النص والواقع. وهي معضلة تجسدها درجة الإقبال المحموم على الالتزام الديني الشكلي واتباع المنهج «الطقوسي - الشعائري» في مختلف مظاهر الحياة اليومية، مقابل زيادة جرائم الشرف والتحرش والاغتصاب، ناهيك عن الممارسات اللا أخلاقية التي تنتهك كرامة المواطن العربي يومياً كالرشوة والاحتكار والمحسوبية وغياب المسؤولية وضياع المهنية والكفاءة.
وبافتراض أن الدين هو المصدر الوحيد للأخلاق فى العالم العربي، فإن المكون القيمي (التهذيبي) لهذا الدين يكاد يكون الأكثر حضوراً في النص القرآني والسنة النبوية الشريفة وفي التعاليم الإنجيلية. ولعل الأجدر في اولئك الذين يتمسكون بحرفية النص الديني، أن يحتكموا لهذا المكون القيمي في تقييم سلوكياتهم وعلاقاتهم مع الأخرين، إن لم يكن كوازع أخلاقي وفلسفي، فعلى الأقل كفريضة يجب تنفيذها على غرار ما هو حادث في بقية القضايا الفرعية. وقد عالجت تأويلات وقراءات الأئمة والفقهاء للنصوص الدينية الكثير من الأمراض والعلل الأخلاقية. فعلى سبيل المثال يعالج أبو حامد الغزالي (1085-1111 م) معضلة الغضب والكراهية بقوله «إن الغضب مرض من أمراض القلوب ينبته أصول أربعة أمور هي الكبر والفخر، والتعزز والحمية ... وهو يعالج بالتواضع ولجم النفس والكرم والعلم والعمل وكظم الغيظ»، فأين العرب من ذلك؟
ثانياً، الفجوة بين القانون والأخلاق. فنظرياً تبدو العلاقة بين كلا الأمرين مطردة، بحيث إذا تم الالتزام بتطبيق القانون كلما انضبط المجتمع وسمت أخلاق أعضائه. وفي التجربة الغربية تم الانتقال مبكراً من الصيغة «الردعية» للقانون بحيث يجرى فرضه قسراً، إلى الالتزام الذاتي به طوعاً من قبل المواطنين، وهو ما يُعرف ضمناً بـ»دولة القانون». فالمواطن الغربي لا يلتزم بالقانون خوفاً من عواقب انتهاكه فحسب، وإنما أيضاً خوفاً من إحداث خلل في النظام العام للمجتمع والتأثير في انسيابية منظومته القيمية والأخلاقية التي وطدّت العلاقة بين أفراده. وهو ما بات يعرف سوسيولوجياً بنظرية «الواقعية الأخلاقية Moral Realism».
أما في العالم العربي فالعكس صحيح، فإذا وُجد القانون غابت الأخلاق، وكأن القانون قد وُضع كي يُنتهك ويتم الاعتداء على نصوصه. وثمة نقص شديد في المعايير الإجرائية لتطبيق القانون في العالم العربي. وكم من جرائم ارتكبت تحت غطاء القانون، وكأن المشرّع العربي يصنع ثغرات القانون قبل أن يقوم بوضعه.
ثالثاً، انعدام التوازن بين السلطة والمسؤولية. وهي سمة ترتبط أساساً بكل أشكال ممارسة السلطة في العالم العربي. فالمسؤول العربي لا ينظر الى نفسه باعتباره «خادماً» للمجتمع ومواطنيه، وإنما باعتباره مخدوماً يجب أن يعمل الجميع على إرضائه. وهو لا يفعل ذلك إلا لتيقنه من غياب الرقابة والمسؤولية ومن ثم العقاب في حال الخطأ. وهي سمة تنسحب على كل الموظفين والعاملين فى الجهاز البيروقراطي للدولة العربية الذين يتفنون في تعذيب المواطنين وإذلالهم نفسياً ومعنوياً. والنتيجة المنطقية لذلك هي شيوع الفساد بكل أشكاله، حتى يصبح نمطاً «أخلاقياً» يضرب كيان الدولة والمجتمع.
وكم كان طريفاً أن تعلّق إحدى الصحف المصرية أثناء اشتداد الأزمة المصرية – الجزائرية على تعادل البلدين في مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية حيث حصلا على المستوى 111 من بين 180 دولة هي الأكثر فساداً فى العالم.
بيد أن ثمة حلقة مفقودة يجب الالتفات إليها في تحليل علاقة السلطة بالمسؤولية وهي التي ترتبط بقضية الإرادة الحرة. فالمسؤول العربي لا يتصرف فيما تحت يديه في شكل مطلق أو حرّ، وإنما هو مقيّد بمن هو أعلى منه سلطة ونفوذاً. لذا غالباً ما ينتفي القيد الأخلاقي الذاتي، فلا يستقيل مسؤول عربي من منصبه بسبب تقصير أو خلل في أداء مهماته، ذلك أنه لا يتمتع بإرادة حرة حقيقية قد تمكنه من اتخاذ قراره بيديه. ولا يخلو الهمّ العربي اليومي من كوارث ومصائب متجددة يدفع ثمنها المواطن البسيط من دون محاسبة المسؤولين عنها. وإذا حدثت الإقالة فهي عادة لا تكون متبوعة بالمحاسبة والعقاب على التقصير. وما حدث قبل أيام في جدة مثال جليّ على ضعف الرؤية وانعدام الرقابة والمحاسبة. وما يحدث في مصر في شكل متكرر من إزهاق أرواح بريئة، لهو مثالٌ صارخ على الفساد الذي ينخر في تركيبة السلطة ويعشش في ثقافتها. والمدهش أنه فى الوقت الذي تنفق ملايين الدولارات على مشاريع عملاقة سواء بغرض التفاخر أو الحصول على مساعدات دولية، فإن المواطن العربي يدفع حياته ثمناً لغياب أبسط حقوقه الآدمية من المرافق والبنية التحتية الأساسية.
رابعاً، غياب فكرة الحقوق الأخلاقية Moral Rights. فالعلاقة بين المواطنين داخل المجتمعات العربية باتت خشنة وموتورة بسبب غياب قيم التراحم والمودة والتسامح التي حلت محلّها قيم المغالبة والمفاخرة والاحتقار. وإن المرء ليعجب حينما يصادف مواطناً عربياً يلتزم بالقانون ويتفنن في إبراز احترامه للقيم والأخلاقيات حين يزور بلداً أجنبياً، فى حين يفعل العكس تماماُ في مجتمعه وبين عشيرته. وبالمثل لو كان الطرف الآخر فى أزمة مصر والجزائر دولة أجنبية لما شهدنا كل هذه العصبية والتشنّج، بل لربما شهدنا احتراماً وتودداً نادر الحدوث. ولا مخرج من هذه الازدواجية إلا بالانتقال من نظرية «التقيد الديني الأخلاقي» Divine Command Ethics، إلى فكرة «التطوّع الأخلاقي» Ethical Voluntarism . فالنص الديني ليس مجرد كتلة صمَاء، وإنما هو بالأحرى قواعد حيّة تستهدف سمو النفس البشرية.
وتظل فكرة الحقوق الأخلاقية احدى الوشائج المهمة لرسم العلاقة بين الطوائف والمذاهب والجماعات السياسية والدينية في العالم العربي. وهي فكرة، على رغم علمانيتها الظاهرة، إلا أن لها جذوراً دينية عميقة تحض على قبول الآخر والتسامح معه بغض النظر عن الاختلاف معه سياسياً أو دينياً.
ولعل السؤال المنطقي الآن هو: كيف وصل العقل «الأخلاقي» العربي إلى هذه الدرجة من التردي والتناقض؟ ولماذا باتت الشخصية العربية مصابة بأمراض الشيزوفرنيا والتعصب وانعدام الميزان «الأخلاقي»؟ وهو سؤال على رغم شموليته إلا أن إجابته لا تخلو من حقائق عدة أولها أن هذه الحال ليست أصيلة في الشخصية العربية وإنما طارئة. فالتاريخ العربي والإسلامي زاخر بمدى ارتقاء ورحابة العلاقات المجتمعية مع المسلمين وغيرهم. وإذا كنا نقرّ بأن تغيرات كثيرة قد طرأت على هذه الشخصية، فحسبنا أن ثمة أصلاً للعلاج يمكن البناء عليه لإعادة التوازن لها. وثانيها، أن الأنظمة العربية الراهنة تتحمل مسؤولية كبيرة عما وصل إليه الانهيار الأخلاقي والقيمي في مجتمعاتها. وهي مسؤولية وإن كانت لا تنفي دور المجتمعات في تعزيزها وترسيخها، إلا أن هذا الدور أشبه بعملية «تحوير الفيروس» وليس خلقه من العدم. وثالثها، أن ثمة دوراً مهماً لعبته النخبة الفكرية والثقافية العربية في زيادة تردي الحالة الأخلاقية في العالم العربي، سواء من خلال الصمت المخجل على مظاهر هذا التردي (حالة مصر والجزائر مثالاً)، أو بسبب عدم القدرة على إيجاد حركة إصلاحية «أخلاقية» كتلك التي شهدها القرن العشرون من أمثال محمد عبده ومالك بن نبي وعلي شريعتي ومحمد إقبال ومحمد الغزالي. ورابعها، أن إعادة بعث الروح «الأخلاقية» في الجسد العربي وإن كانت مهمة غير عسيرة، بسبب وجود الأصل القيمي والمعرفي لها، إلا أنها في حاجة إلى جراحة عاجلة ودقيقة، كون علاج المريض ولو متأخراً أهون من الصمت على علِّته.
* أكاديمي مصري - جامعة دورهام - بريطانيا
k.m.ibrahim@durham.ac.uk

هكذا تحدث السويسريون

تعيش كل الدول المتحدثة بالعربية مخاوف وهواجس الأمن الداخلي، لهذا ارتبطت نظمها بعضها البعض بروابط متينة توجتها باجتماعات دورية منتظمة تضبط علي مواقيتها الساعات السويسرية الدقيقة الصنع. اهم الاجتماعات هي كوكتيل من وزراء الداخلية والاعلام!!! تتخذ فيه اهم القرارات واكثرها جدية وحسما وتنفيذا. اما افشلها واضعفها ولا مردود منها، عامدين متعمدين، فتتم في جامعة الدول العربية حيث تجتمع النظم السياسية!!!

كل تلك الدول تعاني ازمات اقتصادية هيكلية وبنيوية اما صلب العلاقات الداخلية فهو مناقض لاي مفهوم اقتصادي قامت عليه الدولة الحديثة. وكما يقول وول ديورانت في موسوعته مؤكدا قول ماركس الشهير "History is economy in action"، فان هذه الدول وبناء علي هذا التعريف اصبحت خارج التاريخ مرة اخري. فالازمات المستمرة لهم جميعا تستلزم هذا التحالف القوي المتين المشبوه بين الامن والاعلام. حيث يقوم الاخير بتشويه حقيقة ما يجري من صراعات داخلية مع القاء اللوم بشكل مستمر علي المؤامرة الخارجية حتي اصبحت كل دولة تقول انها مستهدفه وان القوي المتربصة بهم لا تتورع من عمل كل ما يضر الامن. هنا يلتقط الطرف الاول في الكوكتيل ليبدا في حماية كل ما هو مترهل وفاسد في الداخل حمايه للامة المستهدفة من مؤامرات الخارج.

لكن كيف يمكن لاعلام يمتلك 24 ساعة بث فضائي في مئات القنوات الفضائية والارضية ومعها صحف ومجلات وادوات اخري كالسينما والمسرح وقدرات هائلة لطباعة الكتب ان يملئها بما يمنع الدول هذه من العوده الي التاريخ. فالخريطة التليفزيونية ومعها الكتب في المعارض كلها تحولت الي ما يشبه الهوس الديني والدروشة الايمانية، تشعر معها وكأن لحظة أن يوم القيامة قد سرب الله موعدها لهم وباتت اتية لا ريب فيها بعد كل اعلان سمج بين الفقرات الفقيرة.

هكذا حددت السطة الاعلامية الامنية في الدول المطروده من التاريخ مشكلات المجتمع بانه فاقد الاهلية لضعف ايمانه وعقيدته وحاجته اليومية لمن يجدد له دينه متناسيين ان المجتمع به كل انواع العقائد والملل والنحل وان ما يجمعهم ليس الايمان انما الوجود الفاعل كمواطن له حقوق وواجبات في اتجاهين، المجتمع و السلطة. هذا التشويه المتعمد لا نجد له من تداعيات الا بان تحدث فتن طائفية ومعارك لا معني ولا مسبب حقيقي لاحداثها سوي هذا الاعلام الذي يستفيد منه الامن ورجاله ويخسر فيه الوطن والمواطن بتفكيك اواصر الوحده الوطنية. فنتائج تحالف كوكتيل الامن والاعلام هو لذه للسلطة وسم زعاف للمواطن جعل الوطن كله مسموما بل ويصدر سمومه مع كل مهاجر او هارب املا في حياه افضل.

شغلت المعارضة نفسها بتشخيص الداء وتشخيص العلة ، لكن الزمن وتوقيت البحث لم يعطهم ايه فرصة لان يجد احدا من عون ايديولوجي في السوق العالمي كالذي اتيح في زمن الحرب البارده وقبلها، لهذا راجت المقولة السائده علي لسان الجميع بان الحاجة للمجتمع المدني ضرورة بل واصبح الجميع يرون ان غياب هذا المجتمع هو سبب نمو الاصوليات الدينية. لكنهم لم يسالوا انفسهم وهل الاصوليات لها كل هذه السيطرة علي الاعلام الي حد ان اكثر من 65 % من البث الفضائي هو ديني؟ ولنطرح السؤال بصيغة إخبارية، إن تواجد الاصولية في الاعلام عبر السلطة بهذا الحضور الطاغي ومعها كل هذه الفتن الطائفية والدينية يصبح في حاجة الي رجال امن يفوق تعدادهم نصف تعداد الشعب !!!! وفي ذات الوقت ينشر الاعلام كل هذه المواد الدينية ومعه الامن لضمان الحفاظ علي نتائج حقنه في شرايين المواطن. فهل هو تحالف ام وجهين لعملة واحده؟

الشعار الذي يغلف المنطقة من المحيط الي الخليج هو انها امة واحده يربطها الدين واللغة ووحده المصير. فالاخير هذا قد تحدد بالفعل طردا من التاريخ، اما الرابطين السابقين فهما السبب الحقيقي للطرد. ولان الدول الفاشلة تعتبر ان الدين هو سقف أعلي لا يجوز تجاوزه فقد ملئت به فضاء الاعلام ليستنشقه كل من افلح بالافلات بعقله من الغش الثقافي السائد. متناسية ان العامل الديني في حياة الناس غير قادر على معالجة الأزمات، بل صانع لها، والتي تعصف الآن بكل دول المنطقة. لكن دعنا نعود الي قول وول ديورانت لان به مفاتيح كثير من الالغاز المحيرة في فضائنا الحالي. اسست الدول الفاشلة المطروده من التاريخ نظاما اقتصاديا لا علاقة له باي نظام في الدول التي في قلب التاريخ. وعندما يطالب الذين احكموا الكمامة علي انوفهم منعا لاستنشاق الافيون الذي تبثه الدولة الفاشلة، ويطالبوا باقتصاد حر ومجتمع ديموقراطي قائم علي اسس سليمة يخرج مثقفي السلطة ومعهم مشايخ بكل انواع المباخر لحرق اردأ انوع البخور والمخدرات قائلين ان العولمة باقتصادها لا تعترف بهوية ثقافية وخصوصية حضارية، هي تدعو للاباحية والشذوذ وانحلال المرأة. حدث هذا في برنامج شهير علي فضائية مصرية تبعها برنامج فتاوي ووعظ ديني قال فيه احد كبار الدعاه ان الاسلام يجيز تعدد الزوجات وان جواز المتعة حلال لكنه مكروه اما التسري بالجواري فهو مشروع وان زواج المسيار هدفة التخفيف علي المسافر وان من لا يقدر علي الزواج فعليه بالصوم والصلاة. أما الفقر والغني فهو ابتلاء من الله للغني والفقير معا اما البنوك فهي كلها شر. وعندما سالوه عن العولمة قال انها لا تفرق بين الصديق والعدو لانها تقيم علاقات اقتصادية معيارها المصلحة.

لم يكن الانف هو فقط ما ينبغي حمايته من استنشاق الابخرة السامة في اعلام الدولة الفاشلة انما ايضا السمع هو ما ينبغي حمايته. فالحاضرين في الاعلام هم دائما من العميان الذي لو نظروا الي العالم لوجدوا ان كثيرا منهم دخل العولمة ولم يفقد اي خصوصية بل ان اوروبا الموحده حافظت علي كل لغة وكل لهجة وكل فولكلور وكل طراز معماري وكل صفة لها خصوصية ومع ذلك اسمها الاتحاد الاوروبي. فالراسخ في عقول المشايخ الذين اطلقتهم الدول الفاشلة ان المحو والازالة هي ما رسب فيهم من تاريخهم فاصبحوا عربا ومسلمين اي متوحدين عبر اسباب الطرد من التاريخ، وبالتالي فان اسقاطهم لامراضهم التاريخية هو كل ما يملكوه دفاعا عن بقائهم خارج اي منظومة حضارية لها مستقبل مع العالم المتحضر. وجد كثير من مثقفي اليسار واليمين والاصولية الدينية مشتركا لهم في الوقوف ضد العولمة احدهما نكاية في رأس المال والثاني دفاعا عن العروبة بكل جهلها وعنصريتها والثالث حفاظا علي الافيون الذي اكتشفه ماركس ونبت اول ما نبت في منطقتنا التي لها خصوصية تعادي العالم والتاريخ.

سال الاميركيون انفسهم يوما في بيان بعنوان "لماذا يكرهوننا" لم نجد احدا ليجيب بامانة علي السؤال ناقدا نفسه بان غياب الديموقراطية في ادني حدودها هو سبب بقاء العالم داخل التاريخ وهو ذاته السبب لان يخرج آخرين مطرودين خارجه. بينما ظلت الكراهية محافظة في مستواها في الداخل ، وجنينا نحن كراهية الاخر لنا من الخارج. الخروج من التاريخ هي شهادة سوابق جعلت سويسرا مؤخرا تصدر قرارا (بناء علي استفتاء وليس بمرسوم سلطوي) بعدم بناء مآذن, فهل يعقل ان يصبح السويسريون عنصريون وهم الذين لم نسمع عنهم ولو دبيب النمل. ام انه احتراز من اصحاب السوابق؟ سويسرا بلد مسالم الي حد السلبية السياسية والعسكرية فلم تنضم لاي حلف وبقيت علي الحياد السلبي بعكس نظمنا ذات الحناجر الرنانة والزعامات الكاريزمية الذين تبنوا الحياد الايجابي وتمرغوا في فراش كل الكتل الايديولوجية دون خجل. الايجابيين عندنا انتقلوا بايجابيتهم ليكونوا عدوانيين علي شعوبهم في الداخل وفي الخارج فهل كانت السلبية نزيهة الي هذا الحد؟ الايجابيين الان ضد شعوبهم يقمعوهم ويذلوهم ويهينون كرامتهم ولا يحركون ساكنا ضد المعتدي بل ويمالؤونه ويحابونه سرا وعلنا، فهل نستعظم ونستكثر علي من لم يشارك في مثل هذه المهازل ان يكون مدافعا عن ذاته عندما يخترقها الاسلاميون الذي هم من صناعة الايجابيين.
فلنعقد مقارنة صادقة وامينة كيف ايقظنا من كانو سلبيين. الاجابة لمن سأل يوما "لماذا يكرهوننا" تطرح سؤال وهل يكره أصحاب الحياد السلبي اصحاب اصحاب الحياد الايجابي. بعد منع المآذن ولوهلة سريعة بات التسامح السويسري في خبر كان، والانفتاح الاوروبي اصبح دخانا مما دفع اصحاب الكراهية المحليين في منطقتنا للمطالبة باتخاذ اجراءات عقابية ضد سويسرا لان حيادها اكذوبه، وانفتاحها على كل الاجناس والعقائد هو من قبيل التضليل والخداع وخرج احدهم قائلا الجهاد ضدها فرض عين!!
ولم يسال احد ما قيمة المئذنه وهي ليست من الاسلام في شئ حتي تحتقن الدماء من اجلها؟ فالمئذنة بدعة ولن نتطرق لحديث البدع لكننا نراها في ضوء فكرة كوكتيل الاعلام والامن الذي تحرص عليه دول الحياد الايجابي الخارجة من التاريخ عندنا. فهي رمز اعلامي دعائي لا ينقصه سوي تحالف امني لتمرير كل القيم الاصولية التي تضر بالحياد السلبي السويسري. المئذنة، كما رآها اكثر المجتمعات حيادا وسلبية في اوروبا، هي قاعدة دعائية اعلامية انطلقت منها اللحي والنقاب وتضر باي حياد ديني فهي منحازة لثقافة لم تعد محصورة فقط في المسجد كما فعل المجتمع المدني بباقي الاديان. فعدم حياد المئذنة الايجابي الذي يضر بالتماسك السويسري يكمن في صورة الإسلام الحالي المناقضة لقول اصحابه انه دين تسامح وسلام؟ اصحاب الحياد السلبي ليسوا نياما فلديهم الاجابة عن تساؤلنا نحن عما جلبته لنا مآذننا وصلواتنا وصيامنا وحجنا قياما وقعودا وعلي جنوبنا؟ نحن لا نملك اجابة واحده عن جدوي طقوسنا وشعائرنا ومآذننا التي هي وسيلة الاعلام الاولي كبدعة اسلامية. لا نملك إجابة لو سالونا عن جدوي ديننا الحنيف؟ لا نملك ردا، لماذا تكرهوننا في ديانتكم وتسبوننا في خطبكم بعد تجميعكم للمصليين من فوق المآذن؟ سيسألونا لديكم مساجد ومآذن باهظة التكاليف وبكل انواع الزخارف والمنمنمات لكن العدوانية والكراهية ضد من لا يؤمن يالاسلام هي المرادف لكل هذه التكلفة. ولا يوجد تعليم جيد في مدارسكم وجامعاتكم رغم ايجابيتكم في الحياد مقارنة بسلبيتنا. انتم انحزتم لاكبر الكتل المنتجة للسلاح ولديكم اكبر الجيوش والعتاد من كل حدب وصوب ولم تنتصروا لقضاياكم بل كنتم اكبر الخاسرين. سيقول السويسريون، نحن سلبيين لا جيوش لنا بل والدولة الوحيده تقريبا التي لا تملك اساطيل ومع ذلك ننتتج لكم ادق الساعات لضبط توقيت الصلاة لحرصكم وحرصنا ايضا بالا تفوتكم فما حاجتكم إذن للمئذنة اللهم الا التعبئة والتجييش اعلاميا ودعائيا وهو ما سيحتاج الي قوي امن لضبط الخارجين منكم علي القانون، أنتم اكثر تكلفة وخسائركم باهظة. سيقول السويسريون نحن فقراء بعكس ما انتم عليه، اموالكم كلها عندنا تستأمنونا عليها، لثقتكم فينا فنحن خزنة لكم، رغم اننا من الضالين في اعرافكم، فكيف تلقون السلام علي بعضكم البعض ولا ثقة لكم في بعضكم البعض؟ حدودنا الارضية كلها مؤمنة عبر اتفاقات نحترمها ويحترمها جيراننا وانتم لا زلتم تتصارعون علي شبر ارض قاحلة هنا او متر ماء مالح هناك. نحن نحترم ما في عقول كل فرد منا باختلافاتها وانتم عبر المئذنه تريدون اقتحام كل العقول لاصلاحها حسب مقاييس الايمان عندكم. نحن لا فتن دينية او عنصرية عندنا رغم تعدد لغتنا وادياننا بينما كل الفتن والصراعات لديكم رغم قولكم بانكم امة يوحدها الدين واللغة!! ينهاكم الدين الحنيف، كما تقولون، عن القتال والعدوان فهل سلبيتنا اكثر اسلاما من ايجابيتكم في اتجاه بعضكم البعض داخليا؟ تقولون " خذوا العلم ولو في الصين" لكننا رغم قربنا لكم باكثر مما هي الصين فلم تاخذوا شيئا لا من الصين ولا من سويسرا اللهم الا الساعات رغم احتقاركم للوقت؟

نحن لا جامعة اوروبية لدينا يجتمع فيها قادتنا وينفضوا بلا ادني انجاز وليس لدينا تجمع اعلامي مطعم بادارات امنية يجتمع دوريا للتآمر علي عقل مواطنينا. فنحن لسنا اصحاب فكرة المؤامرة لهذا نعيد عليكم السؤال "لماذا تكرهوننا"؟

قياسات حداثية

تمتلئ حياه البشر باقوال ليست كلها صحيحة. فما اكثر التصحيحات في سياق التقدم البشري ونمو قدراته العقلية والفكرية في فهمها لما هو واقعي وحقيقي. اشهر الاقوال الخاطئة جائت من ارسطو الذي ملا الدنيا نورا وحكمة باكثر مما فعلت الكتب المقدسة كلها. ففي كتاب الميكانيكا المنسوب اليه منذ اكثر من الفي عام يقول الفيلسوف الكبير " يسكن الجسم المتحرك إذا توقفت القوة التي تحركه عن التاثير عليه". ظلت هذه الاقوال ومعها اقوال بطليموس عن مركزية الارض اساسا للتفكير حتي دحضها جاليليو وبرهن عليها نيوتن. هذا مثال في عالم الطبيعة ومثلها كثير في الاجتماع والسياسة.
كانت اقوال القدماء التي تعرضت للمراجعة والتصحيح مرهونه لما يسمي الالهام او الوحي. وكانت الامانة تقتضي من القدماء القول ان اقوالهم ليست سوي ممارسة تلقائية وعفوية للمعرفة في سياق انتاجها. فما اكثر النماذج التي تخيلها العقل آنذاك عن الكون الطبيعي او الواقع الاجتماعي وظن انها تاتيه من لدن عزيز حكيم.
طالت مرحلة التامل النظري وانتاج الاقوال والحكم باكثر مما ينبغي واصبحت الاقوال التي يستريح الناس لها، بغض النظر عن صلاحيتها او جدواها، مشمولة بقداسة لا نعرف لها مصدرا، واصبحت الاقوال التي نبذها البشر لانها لا تناسب توافقاتهم الاجتماعية هي رجس من عمل الشيطان يلقي به ابتغاء الضلال. هكذا انقسم العالم في حياه الناس الي عالمين تستخدم ما تم الاتفق عليه لتخرج الناس من الظلمات الي النور والعكس بالعكس. واعتقد الناس ان اقوال ارسطو الخاطئة هي النور عاشوا في رحابه قانعين بفقر عقلهم وبؤس معارفهم حتي انهدمت صروح الجهل وقوضت الاقوال المقدسة والغير مقدسة وخرجت البشرية من هذه الفترة الرمادية الحالكة التعاسة الي نور المعرفة بدون وحي انما عبر التجربة لتصحيح ما غرقوا فيه قديما من فلسفات واديان وعقائد.
الحكمة الحديثة تقول " المعرفة وعلوم الواقع وحكمة البشر لا تصح ولا تتحقق صدقيتها الا من خلال التجربة وتعقلنا لها، كما ان ما هو عقلي صرف او وحي والهام لا يمكن تبريره الا بمدي مطابقته للانطباق علي عالم التجربة" وتلك بالضبط هو ما حققه جاليلو ومن بعده كل من عمل في كل مجالات المعرفة اليقينية داحضين اوهام واكاذيب ومغالطات المعرفة النظرية البحتة. فعندما وظفت الاقوال المقدسة والغير مقدسة وتم حكم اهل الزمان القديم بها لم تتقدم البشرية كثيرا بل ربما تراجعت اكثر. وكان التقدم قرينا وقمينا كلما كان الالتزام قائما بإعادة النظر في كل المبادئ، اما للاحتفاظ بفعاليتها لو ثبت صدقها او ادخالها متحف تاريخ المعرفة لو ثبت زيفها.
أما الاله الجديدة في عصرنا الحديث فهي تزاوج بين عقل شجاع لا يخاف من دحض كل شئ واي شئ وتجربة نشطه وفعالة لا تكذب بل وتصحح للعقل ايحاءاته لذاته او المتلقاه من خارج تصوراته. فهل لابو تمام، لو انه عاد أن يصيغ مطلع قصيدته حيث يقول "السيف أصدق أنباء من الكتب ..... ففيه الحد بين الجد واللعب". كان السيف قديما هو المحدد للصواب من الخطا حتي ان الكتب المقدسة من اولها لآخرها لم تسلم من استخدامه لاثبات صدق اقوالها. كان السيف يهوديا ومسيحيا واسلاميا هو ما تحتكم اليه الجماعة لجهلها في اثبات اقولها الايمانية لهذا لم تنتج الاديان عبر معتنقيها ايه حضارة يحن لها احد او يبكي عليها احد. فالتجربة عندهم هي القتل اي ارهاب من بقي علي قيد الحياه لاعتناق ما يتقولون به. هكذا سادت قيم جماعة علي باقي الجماعات بالتوافق معها خوفا منها وتحييدا لارهابها. مثل هذه النماذج ما زالت تعيش في عصرنا الحالي رغم ان قنابلهم ومفخاخاتهم (سيوفهم الجديد) جائت بطرق نظرية وتجارب عملية لا علاقة لها بآيات بينات او مزامير مقدسة.
أما الحكمة التي يمكن استخلاصها من منهجية التفكير بعد جاليلو فصاعدا تكمن في القول " حيثما تقودنا قضية ما، نظريا او تجريبيا، الي تناقض فاننا نستخلص منها انها كاذبة ونقوم باستبعادها" والتناقض هنا اما منطقي رياضي واما نتائج تجريبية لا تتفق والواقع كحادث السقوط المتزامن لجسمين مختلفي الكتلة. ولن نخوض في هذا المقال في مسلسل التناقضات حتي لا يضيع هدف المقال. لكننا امام اقوال سائده في عالمنا الذي يصلي خمس مرات يوميا ويحج وينفق المليارات علي مطامع الحجاج في جنات وملذات بانانية شديدة بينما يتركون ابنائهم في حاجة الي تعليم فقير في حده الادني مقارنة بباقي الشعوب التي لا تحج ولا تصلي بكل هذه الكثافة القدسية. اين الحكمة هنا حيث يقول الاسلاميون عنها: الحكم ضالة المؤمن هو اولي بها اينما وجدها" اين الحكمة الممكن استخلاصها من منهج التفكير الحديث حيث تزاوج العقل والتجربة؟ واين الحكمة في ادعية وتلبيات طوال موسم حج ذهب اليه اكثر من ثلاثة ملايين مسلم، تاركين ورائهم فسادا لا حل له، وعلي بعد رحلة سفر اقل بكثير مما قطعه أفقر الحجاج، يقتل السعوديين المسلمين مسلمين مثلهم في اليمن في الاشهر الحرم بل وفي موسم الحج؟ فالحرب هي الوجه الحقيقي للفشل السياسي. والعلوم الحديثة اثبتت لنا ان الفشل هو في حد ذاته نجاحا لانه يكشف لنا مدي الغلط والخطا فيما نمارسه في حياتنا، فإذا كانت السياسة في منطقتنا قائمة علي مفاهيم تجذرت بما هو اسلامي او عربي فان تجاربنا لاكثر من خمسين عاما تكرر الفشل تلو الفشل مما يدعونا لاستخدام آخر حكمة اتي بها العصر الحديث والتي نعيد تكرارها بعد صياغتها حيث انها ضالة المؤمن قائلين: " حيثما تقودنا قضية ما الي فشل فاننا نستخلص منها انها كاذبة وينبغي استبعادها".

الخميس، 26 نوفمبر 2009

تشويه العالم من اجل الاسلام

المكتسب الاعظم من الخبرة الطويلة للوعي والمعرفة الانسانية يمكن تلخيصها إختصارا في القول المحكم " التناحر بين الحقائق ومحاولات فهمها هي الاساس الذي جاء بالنظريات الحديث". وبلغة اخري فان تطهير العقل من تصوراته الخاطئة هو مسار تقدم الفهم المستمر للعلوم والمعارف الحقيقية. فما اكثر الاخطاء التي ارتكبها العقل وما اصعب تبني مبادئ حديدة لحل معضلات واجهت الانسانية.
فالموقف من الكون وحقائقه في نظر وسمع البشر ظلت مشابهة للالغاز البوليسية الكاملة الخيال، وتحتوي داخل كل لغز علي جميع الادلة الضرورية لحل المشكل، وظلت صعوبة الفهم والتفسير ملازمة من مصادر الاعاقة الداخلية في العقل مرة بسبب نموه المستمر تجاوزا لقصوره الاسبق ومرة بسبب الاوهام التي خلقها لحل عجزه عن الفهم.
فكلما كانت مبادئ لغة الطبيعة سهلة وبسيطة كلما كانت مصدرا للسرور والارتياح لما تخففه من اعباء التعب وارهاق البحث اللذان صحبا تقدم العلم والمعرفة والوعي بشكل عام. فكثيرا ما كانت الايحاءات الداخلية والتصورات الذهنية النظرية لا تتفق والادلة المكتشفة. فما اعظمه، إذن، من الم ووجع عندما يصبح التضحية باحداهما ضرورة. فهل يمكن التضحية بنتائج الكون المادية التجريبية حتي ولو خالفتها نصوص الوحي او تصورات العقل والذهن السابقة بدون برهان؟ ام كان التخلي عن ما رسب في العقل من أوهام لم تثبت جدواه بل مخالفته لوقائع الواقع؟ فالقصة المستهلكة التي شنفت آذان المسلمين عن تابير النخل ونتائج قانون الطبيعة في التلقيح النباتي الملزم اجبرت نبي الاسلام متخليا عن قوله الاسبق ولاحقا به قوله الشهير "انتم ادري بشؤون دنياكم".
كان من الاجدر للعقل الامي، ان يبحث عن تعريفا لتخلفه فيالها من صعوبة بينه ان تخرج الفراشة من داخل شرنقة الظلام. وهذا بالضبط ما فعله العقل الاوروبي ولم يفعله العقل العربي في ذات الفترة التاريخية التي مرت علي كل منهما بالتزامن. فما اكثر المحاولات الحديثة من انصار تحديث الاسلام بادماج العلوم الطبيعية ضمن مفاهيمه مع إعادة الاعتبار للافكار التقليدية السائدة لانها متوافقه تلفيقا وتوفيقا مع كثير من الايات والنصوص الدينية. حتي ولو كان الانفصام وعدم الترابط واضحا بجلاء.
ما اكثر الحقائق التي حجبها العقل الاسلامي عن نفسه مثلما حجب العقل المسيحي حقائق الكون عن ذاته وملتصقا بنظريات واقوال ارسطو عن الحركة وبطليموس عن تركيب المنظومة الفلكية مؤيدة باقوال الكتاب المقدس. لكن الفداحة في العقل الاسلامي انه لم يكن يرتهن نفسه او يرتكن الي اي نظريات سابقة او حقائق مؤكدة. فقد كان جاهليا بجدارة وداوم علي هذه القاعدة لقرون طويلة ما اوصل السعوديون والاوصياء علي الاسلام وورثة النبوة بإجازة استخدام التكنولوجيا اما العلم الخالص فيجب عدم الالفات اليه. خرجت هذه التوصية بعد مؤتمر رفيع المستوي عقد في الكويت عام 1983 وحضره رؤساء 17 جامعة عربية (لم تدرج ايا منها ضمن اعلي 500 جامعة مؤخرا). كان الهدف من المؤتمر تحديد وإزالة المعوقات التي تواجه تطوير العلم والتكنولوجيا في العالم العربي. وبرزت، بل هيمنت، في المؤتمر سؤال محرج وهو : هل العلم إسلامي؟
كانت وجه نظر السعوديين ان العلم يتعارض مع المعتقد الاسلامي كما انه مخرب للعقيده وهو دنس لانه مدني (Secular). وعليه خرجت التوصية السابقة. فرغم ان المؤتمر موصوف بالعلمية وهدفه علمي الا ان خيانة السياق التاريخي للتطور الذهني الباحث عن العلم وكيف ان التخلي عن الوهم لصالح الحقيقة كان ما وصل اليه العقل العربي المجتمع في الكويت.
في أوروبا زمن الحكم الديني الكنسي ، نادي أهل الدين بان الصواعق تحدث كغضب من الله نتيجة لعدد من الخطايا أهمها عدم التوبة والرجوع الي الله وعدم دفع العشور (الزكاه) للكنيسة وعدم الصلاة فيها. شرح القسس ظاهرة الصواعق بانها اصبع الله المنتقم من مخالفي تعاليمه. وفي العام 1752 اطلق أحد المسيحيين (بنيامين فرانكلين) طائرته الورقية الشهيرة اثناء حدوث احدي العواصف المصحوبة بالبرق والرعد ليكتشف كيف يمكن ابطال غضب الله علي الناس وتضليل اصبعه بتسريب ما سمي لاحقا الشحنة الكهربية الي الارض بدلا من ان تصيب الناس ولو كفروا به. بعدها ارتفعت موانع الصواعق من فوق المنازل، فهل تخلي القساوسة عن اقوالهم بعد مشاهدتهم لتكنولوجيا ذلك العصر؟ كان اول من صمد ونجا من الصواعق بما تم تركيبه من موانع بيت للدعارة فقامت الكنائس بمرارة وأسي بتركيب موانع بابراجها لتضليل اصبع المعبود بداخلها.
كان هناك عالم آخر مواز للعقل الكنسي ومؤسسات علمية وجامعية جديدة تبني في نفس المدن العامرة ببيوت الله وكنائسه لتقول بعكس ما يقوله القساوسة بل وتسخر من اقوالهم. أما في عالم العرب والمسلمين فظلت الخرافة والتفسيرات الاكثر ايغالا في الجهل والتخلف تفوح ليس فقط من داخل مؤسسات الاسلام الدينية انما من الجامعات التي حصل منها كثيرون علي شهاداتهم العلمية من امثال زغلول النجار. ساوي الرجل نفسه باجهل المشايخ في الفضائيات الاسلامية السعودية التمويل لتاكيد وتفعيل مقررات مؤتمر الكويت. فماذا قال زغلول النجار عن اعصار تسونامي؟
بدأ الزغلول بالتهديد والارهاب قائلا: من قال إن زلزال تسونامى ظاهرة طبيعية فهو كافر!! في جزيرة اندونيسيا المنكوبة مات الالاف وشرد ما هو اكثر بضربة واحده رغم انهم من معظمهم الفقراء البسطاء وفيهم مسلمون ايضا. الاصبع المنتقم في عقيدة زغلول ليست فقط اكثر بطشا انما اكثر عماءا ايضا. إصبع الله في الاسلام، حسب اقوال المشايخ والفقهاء ومن حضروا مؤتمر الكويت، اخطر واكثر تاثيرا لانها وحسب ما يقول الفقهاء والمشايخ هي تصحيح لما حرفه اهل الديانات السابقة، كما لو ان وظيفة الخالق هي البطش بمخلوقاته. فياله من تحريف رحمة بالبشر ورأفة بهم!!!! وفي لقاء حي مع اذاعة لندن، كرّس الزغلول حياته وفكره لاستبيان ما ذكر في كتاب الله من علوم طبيعية. وكانت كتبه وأشرطته هي الأكثر شيوعاً وتنافس كتب مثل «زواج الجان من بني الإنسان» و«عذاب القبر»، و«دليل طرد الجن من المساكن» حيث يباع الجميع بجانب بعضهم علي الارصفة وفي المكتبات. فهل كان القرآن بتفسيرات علمائه ملزما المؤمن "التعمية" و "حجب الحقيقة"، حسبما يريد السعوديين في مؤتمر الكويت؟
كان منهاج الجاهليين في مكة وقت نشوء الاسلام يلخصه شعارهم "لا تسمعوا" كما جاء في الآية التالية "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ". لم يغادر من اسلم نفس النصيحة فرفعوا نفس الشعار ولو بعد 1400 عام في مؤتمر الكويت بالا يلتفتوا للعلوم الحقيقة التي برهنت علي نفسها بنفسها من قوانين الطبيعة. المضحك ان يسوق المسلمين آيات مثل "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين". "ونبئوني بعلم إن كنتم صادقين" للتدليل علي ما لديهم من غيبيات لا برهان عليها كانشقاق القمر او انشقاق البحر. علوم الفيزياء المرفوضة في الكويت تثبت ذاتها بذاتها حتي ولو لم يكن هناك راصدا او مشاهدا لها من بني البشر. فقوانين الموائع والغازات تشجب عصا موسي وديناميكا نيوتن تدحض انشقاق القمر. هكذا اخرجت الطبيعة حقائق الوجود ردا علي الاية القرآنية "وقل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا".
الايمان يمنع التشكيك في صدقية النصوص الاسلامية لكن اي عاقل عليه الالتزام بقدر ولو ضئيل من الامانة الفكرية والعقلية بالقول ان قوانين الطبيعة الاجبارية والملزمة والحتمية والتي لا لسان لها او اعضاء تشهد عليهم يوم القيامة هي التي تشكك. لهذا فان عداء المجتمعين لها في الكويت كان مبررا، فالحفاظ علي الجاهلية هو هم عربي وواجب قومي اولا واخيرا. لكن المسخرة الحقيقة تكمن في فلسفة العرب القائلة " الحكمة ضالة المؤمن اينما وجدها فهو اولي بها". المهزلة في ان العرب المحتفظين بجاهليتهم بكل استنطاع وتطفل يريدون نهب وسرقة الحكمة والتكنولوجيا التي لم يجدوها في القرآن رغم انه القائل "يؤتي الحكمة من يشاء" وايضا "وما فرطنا في الكتاب من شئ". فلم نشأ حتي يومنا هذا ان نجد سوي مؤتمرات الجهل والانتهازية في الكويت، وزغاليل تكذب علنا علي ما تعلموه في بلاد اسحق نيوتن، وتكذبهم الماده الجماد الصادقة التي لم تكذب علي نفسها او علي من آمن او كفر علي حد سواء. فاين الحكمة إذن يا ايها المشايخ والدعاه؟ افيدونا قبل ان يلحقنا الكفر ونحن لكم، وما زلنا، منصتون، ليس تطوعا انما مجبرين لوجود تكنولوجيا الفضائيات في بيوتنا تبث برامج من قنوات كلها مشبوهه.

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

إنحطاط الفكر السلفى

أصبح الفكر السلفى فى مصر مسؤولا عن معظم المصائب الإجتماعية لهذا فقد رأيت إجمال مصائبهم فى نقاط محددة يمكن محاسبتهم عليها قانونيا وكلها مسائل يعاقب عليها القانون المصرى لانه جرائم بالفعل

وربما يتطور الأمر لقضية تريح بلادنا ولو على الورق من هذا الفكر القاتل للأمم أو تجعل من دهاقنتهم عبرة لمن يتعدى على دستور بلاده ويخالف قوانينه على شاشات التليفزيون

أعلم ان الحكومة هى الأخرى متورطة معهم وتغازلهم من آن لآخر ولكن أنترك البلد ونهرب أم نتركها تشتعل .. هذا جهد المقل ويعذرنا الله فيما فوق ذلك

وحيث أننى لست بمحام فإننى أهيب بأى متخصص أن يحقق لنا فى هذه الشكاوى نظريا على الأقل ... فمن الناحية القانونية أعتقد أنها جرائم يعاقب عليها القانون إذا ثبتت عليهم

وهناك بعض الزملاء كان قد اقترح جمع هذه الإشكاليات للسلفيين ورفع قضايا عليهم متهمهم بجرائم يمارسونها دون ان تطرف لهم عين منها على سبيل المثال ما يمكن تلخيص مظاهره وادواته المنحطه فيما يلي:

1. خيانة بلادهم ( القول بالقرشيه وأن الوالى والرئيس لابد ان يكن قرشيا تصديقا لعشرات الأحاديث خاصة بالبخارى ومسلم ولمئات الفتاوى ونبذ المواطنة ) وقبل كل هذا انكار دستور الدولة والقول ببطلانه وتحريم تحية العلم وغيرها من مظاهر ترقى للخيانة العظمى للوطن

2. تسفيه الدين المسيحى ( ليل نهار ) والدعوة لجعلهم مواطنين درجة ثالثة وعدم بناء كنائس لهم مع ايمانهم بالجزية وجعلهم يمشون على حواف الطرق والدعوة لبغضهم وكراهيتهم علانية مع تجريدهم من كل خير ومن كل انسانية وأخلاقية

3. الدعوة للعنف ( ضرب المرأة والأطفال وتغيير المنكر ) والقول بأن المرأة يجب ضربها وأن بعض الصحابة كان يضرب نساءه بالسوط والدعوة لضرب الأطفال ولتغير المنكر - حسب تفكيرهم هو 100% من الأعمال التى نقوم بها بدء من دخول السيما وحتى لبس السوتيان للنساء حسب فتوى بن عثيمين - بالقول أو بالفعل

4. الدعوة لإحياء العبودية ( ملك اليمين ) وتأكيدهم ان ملك اليمين باق الى قيام الساعة وأن عورة الأمة مثل عورة الرجل فقط وباقى ذلك مشاعا لكل عابر فى الطريق بل أن بعضهم يتبنى قول بعض الأئمة بأن العبيد كالبهائم لا يقتص من أحدهم للآخر !!

5. الردة الحضارية ( معاداة العلم وتسفيه مصادره ) بالإضافة لتحريم الموسيقى والتمثيل والتماثيل والقانون الوضعى والدستور الوضعى

6. كذلك تحريم كل شىء لا يعلمونه بدء من الدش سابقا ثم الجوال ذى الكاميرا والتليفزون ( الإجهاز فى تحريم التلفاز ) حتى وصلوا للبرمجة العصبية .. حرموها وطبعا التحليل النفسى وكل هذا من وضع الكافر فرويد ولا يجوز اتباعه ولا إقراره على فعله

7. الدعوة للخرافات ( حبة البركة والطب النبوى وبول البعير ) بل وتجرأ بعضهم على محاولة تأصيل هذه الخرافات شرعا أو عقلا .. مع عدم وضعها فى سياقها التاريخى وأنها كانت ممارسات بيئية لاعلاقة لها بالنبوة

8. الدعوة لزواج القصر والأطفال ومحاربتهم للقوانين المختصة وآخر معركة لهم كانت قانون الطفل حيث حاربوا حربا عنيفه لإعدام الشاب الأقل من 18 عاما ( لأن القانون يقول بتخفيف الإعدام لعقوبة مؤبد 25 سنة ) وكذلك محاربتهم العنيفة لتزويج البنات أقل من 18 سنة مع أن جميع الأبحاث أكدت هذا الرقم ومعظم دول العالم تتبناه سنا للزواج الا ان هؤلاء يصرون على أن البنت اذا ظهر عليها علامات البلوغ يجوز تزويجها ولو فى سن 9 سنوات ولتذهب قوانين الدولة الى الجحيم

9. إهانة رموز الوطن مثل وتسفيههم بغير دليل والطعن فى شرفهم ووطنيتهم ولم ينج من براثنهم وطنى واحد .. فقد طالوا الكل بأذاهم طالوا : نجيب محفوظ - قاسم امين - طه حسين - أبى القاسم الشابى - جميع رموز الفن وعلى راسهم عبد الحليم حافظ و أم كلثوم مصطفى كامل - سعد زغلول - محمد عبده الإمام الفقيه - القرضاوى سبوه سبا شديدا - الشيخ محمد الغزالى - جمال الدين الأفغانى - جميع حكام مصر بلا استثناء من محمد على وحتى تحتمس - جميع شعراء مصر عدا القلة النادرة -

10. الدعاء على اليهود وهم أهل ديانة .. وعدم التفرقة بين الإسرائيليين المعتدين وبين اليهودية كدين بل والدعاء بطريقة تثير الاستغراب مثل الدعاء بتيتيم الأطفال الصغار والدعاء بترميل النساء ودعوات أقرب الى التشفى المنحرف منه الى دعاء بين الإنسان وربه

11. ممارستهم غسيل المخ للشباب مما يؤدى لاحتقان الشاب وكراهيته لمجتمعه تمهيدا لانفجاره فى أقرب فرصه فهم يضعون القاطرة على الطريق ومع أو ريح خفيفة تنطلق القاطرة فتدوس كل المجتمع امامها وأولهم أهل الشباب وأقربائهم .. هم يملؤن الشباب حقدا على تاريخهم وعلى ماضيهم وحاضرهم وعلى مجتمعاتهم التى تقارف المنكرات ليل نهار والتى لا تطبق الشريعة مما حدا ببعض الشباب القول بكفر المجتمع كله والآخرون هاجموا محلات مسيحية واستولوا عليها وآخرون فجروا انفسهم وآخرون قاتلوا أهليهم حتى يمنعوهم من زيارة المقابر كما جاء فى الأخبار مؤخرا وألف مليون كارثة وكارثة تسبب فيها هذا الإحتقان تلك عشرة كاملة .. وأضيف عليها هذه النقاط :
12. الدعوة لتشويه الإناث بما يسمى بالختان والذى ثبت ضرره إلا أنهم يتبنون وجهة نظر مر عليها أكثر من 1000 سنة ولم تسمع قط بآلية الشهوة الجنسية أو بهرمون التستستيرون والإستروجين ولاحول ولا قوة إلا به

13. الإضرار باقتصاد الدولة وذلك بتحريم النظام المصرفى المصرى والقول بحرمه الفائدة وبحرمه التعامل مع البنوك العادية

14. التسهيل والمشاركة مع النصابين والدجالين وذلك بإيهام الناس بأن الجن ينقل الاشياء ويسرقها ويؤثر على البشر

15. معاداة المرأة والدعوة لحبسها وتقييدها عن الحركة والعمل والقول بأنها أدنى من الرجل وأنها لا ولاية لها على رجل

16. العمل على نشر الفاحشة وذلك بالقول بأن الحمل يزيد عن سنتين وثلاث وأربع بل وعشر سنوات وكذلك وضع شروط مستحيلة وتعجيزية لإثبات الزنا مما يستحيل معه عقاب الزناة

17. العمل على إشاعة حالة من النهم الجنسى فى الشباب وذلك بإثارة فتاوى الفراش .. والعمل على زرع العقد والهواجس فى نفوس المتزوجين من حيث تحريم التجرد من الملابس عند الجماع وتحريم النظر للفرج وأمور من شأنها ان تزرع التوجس والخيفة فى نفوس المجتمع

18. تشويه العقيدة الإسلامية ورفع النبى فوق الله حيث يروجون لفكرة ان من يشتم الله ثم يتوب تُقبل توبته بينما شاتم الرسول لا تُقبل توبته مما يرفع الرسول فوق مقام الله تلقائيا

19. العمل على تأزيم المجتمع وذلك بالقول بحرمة تحديد النسل مما يؤدى ضرورة إلى نقص الموارد وانفلات الجائعين أو الخائفين من شبح الجوع والبطالة مما يدمر المجتمع

20. العمل بطريقة مباشرة وغيرمباشرة على قتل الناس وموتهم وذلك بتحريمهم نقل الأعضاء ومن قبل بتحريمهم نقل الدم واليوم بتحريمهم التطعيم ضد مرض شلل الاطفال مما حدا بمنظمة الصحة العالمية أن تناشد المعتدلين اصدار فتاوى بحرمة التطعيم ضد شلل الأطفال فأصدر شيخ الأزهر بمصر فتوى بذلك

21. زيادة جرعة العنف عند الشباب وذلك باعتناقهم عقوبات لم ترد فى القرآن وإنما تخالف النص القرآنى صراحة كعقوبة الرجم المقيته والمرعبة وعقوبة الحرابة والتى تقضى بقطع الأيدى والأرجل والصلب على الأشجار

22. الإساءة للإسلام عالميا فكل ما سبق بالإضافة لفتاوى حرمة السفر إلى بلاد لكفر إلا أن تتجسس عليهم وتقسيم الدنيا إلى دار كفر ودار اسلام ومناداة البعض ( فى استراليا وبريطانيا ) بأن المسلمين احق بهذه البلاد من غيرها ..يجعل المجتمع الغربى ينظر الى ديننا على أنه دين التخلف والهمجية والجهل ولا عزاء للمعتدلين ولا حتى للمسلمين

23. تحريمهم للأعمال التى من شأنها إصلاح البلاد من الخروج للمظاهرات والإضرابات والإحتجاجات فى مغازلة صريحة وشاذة للحاكم ولمؤسسة الحكم ولو أنهم يقولون ان الحاكم جيد ولا يجب أن نتظاهر لكان الأمر هينا ولتوافقنا معهم فى بعض ما يقولون ولكنهم ( يحرمون ) أقولها ثانية ( يحرمون ) المظاهرات ويحرمون الإنتخابات

24. تأييد ودعم القول والفعل بتحريم مكة والمدينة على غير المسلم ولا أقول المساجد بل البلاد كاملة محرمة على غير المسلم بينما يمكنهم هم أن يتجولوا فى الفاتيكان علانية وبكل بساطة وسلاسة مما يشوه صورة الإسلام والمسلمين أمام العالم كله

- الإساءة للرسول بوضع أحاديث لا تصح فى حق إنسان سوى مثل ادعائهم بقوله برضاع الكبير وانه يمتلك قوة ثلاثين رجلا ( فى الجماع ) وأنه يقضى لياليه يطوف على حوالى 10 زوجات بالإضافة لملكات اليمين وعشرات الأشياء التى لا يصح نسبتها لإنسان سوى بله الرسول الكريم

25. تبنى قتل المتحولين عن الإسلام فى فجاجة واضحة لتؤكد لمن لا يعرفون الإسلام جيدا أنه دين إكراه وإجبار وتهديد بالسيف والذبح إن تركته .. وأسموه حد الردة رغم قول أكثر العلماء المتنورين بأنه مخالف للقرآن وأن الردة الدينية فقط لا شىء فيها وقديما كانت الردة سياسية / دينية معا متشابكة ومندمجة

26. التدليس على كثير من الشخصيات وتوثيق هذا التدليس بالكذب فى المنتديات والكتب كما فى حالة نيل أرمسترونج والأكذوبة التى روجوها عنه وكذلك فى حالة انشقاق القمر مما حدا بوكالة ناسا تكذيب الأخبار المدلسة والكاذبة ومما يفقدنا اى مصداقية أمام العالم

27. وأعتقد ان كل نقطة تكفى لمحاكمة القائلين بها امام محاكم امن الدولة العليا فلا شىء أخطر من العبث فى عقول الشباب أما أن يكون العبث علنيا وفى التلفزيونات فهذا أغرب وأدعى للتحرك قبل أن تقع الكارثة ولات حين ندم

28. كل ما كتبت يوجد له عشرات الفتاوى التى تؤكده وتدعمه صوتيا وكتابيا وفيديو من القنوات السلفيه ومن كتبهم ومواقعهم ... بل وأكثر مما ذكرت لأننى أحاول الاختصار قدر استطاعتى ولمن يريد الاستزادة أن يقوم بزيارة أو بالاستماع لقنواتهم وقراءة كتبهم وسيرعبه ما يقولون

أعلم أن البعض قد يتنصل من فكرة هنا أو اتهام هناك وينجو بنفسه ولكن من أخطأ فيجب أن يحاسب .. كل على حسب خطئه وقناة الناس والرحمة وغيرها خير شاهد وخير دليل

الأحد، 15 نوفمبر 2009

البدايات المظلمة للإسلام المبكر

البدايات المظلمة للإسلام المبكر
نادر قريط
http://www.ahewar.org/m.asp?i=1657

البدايات المظلمة؟ عنوان كتاب لكارل هاينس اوليغK. Ohlig (1) من جامعة سارلاند ـ ألمانيا، والذي يقود نخبة من باحثي تاريخ الأديان، من أمثال غيرد بوين G.R. Puin المدير السابق لفريق البحث في المخطوطات القرآنية التي عُثر عليها عام 1972في جامع صنعاء الكبير، ولكسنبرغ C. Luxenberg صاحب القراءة الآرامية للقرآن، وفولكر بوب V.Popp الباحث في تاريخ المسكوكات والنقوش القديمة، ويهودا بيفو، ويوديت كورين وغيرهم، والهدف هو البحث والتنقيب في ماضي الإسلام المبكر. وإزاحة ركام الأسطرة عن تلك الحقبة من القرن السابع ميلادي. حيث أن نجاح دراسات أركيولوجيا الكتاب المقدس، وكشف أسطورية عصر الآباء (من إبراهيم إلى سليمان) وخلخلة البناء اليهو ـ مسيحي، بدأ يُغري بتطبيق تلك المناهج النقد ـ تاريخية على الإسلام. من خلال مراجعة لأهم المصادر والنقوش الكتابية المبكرة. وتأويلها بمعزل عن قسر وإرغام دلالات التراث الكتابي الإسلامي، الذي أصبح بنظر البعض مجرد أدب ديني وليس تاريخا بالمفهوم العلمي لكتابة التاريخ. وقبل التعرض للتفاصيل وإبداء الرأي أجد ضرورة للتوقف عند بعض المفاصل النقدية، التي تمهد وتعترض بآن معاً طريق هذه الرؤى الجديدة.في مطلع القرن 19 أعرب الباحث بتاريخ الإسلام غوستاف فرايتاغ (1788ـ 1861) عن عدم ثقته بأخبار الموروث الإسلامي ووصفها بالمكذوبة والملفقة، خصوصا تلك التي تناولت الطقوس الوثنية حول كعبة ما قبل الإسلام، فالروايات عن أصنام البانثيون المكّي، حملت الكثير من التناقضات، سيما وأن المكان تحوّل بعدها إلى شعيرة إسلامية (بأوامر إلهية؟!)، ناهيك عن تعارضها مع روح القرن السابع م. وإجتياح التصوّرات اليهو ـ مسيحية للمنطقة، والتي أبطلت عبادات التماثيل الحجرية منذ زمن طويل، وأيضا فيما يكشفه الموروث الإسلامي من إرتباك عند حديثه عن الأحناف والشعر الجاهلي، وما تضمنه من أفكار قرآنية مباشرة، تصل أحياناً حد التطابق في العبارة والدلالة، ناهيك عن أن فضاء الخطاب القرآني يعكس صورة عن جدل حاد بين أهل الكتاب، ممزوج بمرارة الشكوى، ولا يعكس جدلاً مع عبَدة تمائيل حجرية كما أراد الموروث أن يوهمنا. ولعل تحوّل الكعبة إلى طقس إسلامي، دليل دامغ على زيف تلك الإدعاءات.في نهاية القرن 19 حاول كارل فولر ورودلف غاير تفحّص التاريخ التحريري للقرآن، وإعادة بناء لبعض المقاطع الشعرية في السور القصيرة المقفاة، وإفتراض وجود نص قرآني قديم تم طمسه معالمه فيما بعد، وتحويل مضمونه ليمنح ترابطا جديدا للمعنى الديني ـ التاريخي، وهذا ما تابعه غونتر لولينغ G.Lüling (2) في سبعينيات القرن20 بإفتراضه أن تلك السور هي صلوات طقسية ونتاج أدبي يعود للمسيحية السورية. ثم أعقبها بدراسته عن الكعبة ومراحل تطور بنائها في أزمنة مختلفة (3) وتعقّب إشارات الموروت الإسلامي التي دلّت على وجود رموز مسيحولوجية داخل الكعبة تم إزالتها بعد فتح مكة، وكذلك الروايات عن وجود ستة أعمدة حملت سقفها الخشبي (حاليا ثلاثة) والتي كانت مصطفة على خطين متوازيين بحيث أتاحت للمصلّين آنذاك بالإتجاه نحو الحُجر (وبالتالي نحو القدس) وكما يُستدل من الموروث فإن هذا الحُجر (حاليا محاط بجدار قوسي قليل الإرتفاع) كان أيام الجاهلية وزمن عبدالله بن الزبير مسوّراً بجدار عال مسقوف ويتصل فضاؤه بداخل الكعبة ويقوم بدور مذبح الكنيسةAltar . وبهذا أعلن لولينغ أن الكعبة كانت كنيسة مريمية؟! وأن اللات والعزة ومناة لسن سوى مريمات عربيات، وأن الصراع لم يكن مع كفار قريش بل مع قريش مسيحية بيزنطية، تناقضت أقانيمها الثلاثة مع الكنيسة السورية التوحيدية (التي ضمّت أتباع الطبيعة الواحدة في كنيسة الغساسنة، ذات التقاليد التوراتية، المشبّعة بالعداء لبيزنطه ومؤتمر نيقيا)وهكذا جاء بإطروحة مركزية مفادها أن دعوة القرآن للعودة إلى دين إبراهيم وإسماعيل هي على المستوى الرمزي، عودة إلى الإله البدئي Pagan للجزيرة العربية وتجلياته في جذور اليهو ـ مسيحية، حيث كان الإله يسمع مناجاة إبراهيم ويقسّم له تخوم أرضه، وهذا قد جرى طمسه في المرحلة المابعد نبوية، وبالتالي طمس صورة الأعداء الذين حاربهم الإسلام المبكر، والذين كانوا من أتباع المسيحية الهلينية (قريش) إذ تم وُصمهم بعبادة الأوثان والإشراك، وهم بالحقيقة من أتباع الأقانيم الثلاثة ومقدسي الأيقونات والصور، وهذا الطمس والتعتيم جاء لتجنيب الإسلام الفتي صداماً لاهوتياً مع يهو ـ مسيحية ذات تراث كتابي لاهوتي واسع، وكأن الإسلام قرر حينها أن يخسر على الطاولة ما ربحه في ساحة الحرب، والقول هنا لغونتر لولينغلكن الإضاءة المهمة حول تاريخ مكة كان قد قدمها راينهارد دوزي عام 1864في كتابه "الإسرائيليون في مكة" والتي رفضها (عمدة الإستشراق) فلهاوزن، مع أنها فتحت الطريق أمام دراسات التوراة، سيما وأن جغرافيا فلسطين باتت تُكّذب نشوء الحدث التوراتي لعصر الآباء على ربوعها؟! وفكرة دوزي قالت بأن مكّة هي التي ذكرها مدوّنو تاريخ الأنتيكا حتى القرن الثالث م. بإسم "ماكاروبا" ووردت في العهد القديم "ماكاروبا" بمعنى "ميدان المعركة الكبير" ثم إختُصر الإسم بإزالة الصفة "روبا" (كبير) لتبقى ماكا: ميدانا للصراع. ثم يشير إلى ما ذكرته التوراة عن خروج سبط شمعون من رابطة القبائل الإسرائيلية زمن داوود (حوالي 1000 ق.م) وإستيطانهم أرض الحجاز، الأمر الذي دفع المحرر التوراتي بعد السبيّ، لنعت هؤلاء الشمعونيين بالإسماعليين (لاحظ التشابه بين لفظي شمعون وشمعيل) حيث إعتبرهم أقارب غرباء (من هاجر وإسماعيل) وهناك من يجزم بأن قصة إسماعيل وأمه هي حشو متأخر في سياق الرواية التوراتية، واللافت كانت العلاقة التي وجدها دوزي بين صنمي الصفا والمروة "إساف ونائلة" وبين لفظين آراميين: "آسوف ونوالي" بمعنى: مزبلة أو مكان رمي الفضلات، والقصد هنا أن الصفا والمروة كانت أماكن لرمي بقايا الذبائح والقرابين التي كانت تُنحر حول الكعبة. ثم دُعمت أفكار الهولندي دوزي بأبحاث فريتز هومل مطلع القرن 20 المعززة باللقى الأثرية المسمارية من منطقة شمال غرب شبه الجزيرة العربية (جنوب العقبة) حيث تشير النقوش إلى أن تلك المنطقة (الشمعونية/الإشماعيلية) كانت تسمّى لغاية القرن السابع ق.م "مصر"، الأمر الذي دعى هوغو فنكلر للقول بأن مصر (جنوب العقبة) إلتبست دلالتها على جيل ما بعد السبي وأصبحت تسمى: مصراييم التوراتية أو مصر الحالية (أم الدنيا). فالميول الحديثة للبحث التوراتي تذهب أيضا إلى أن أسطورة الخروج بقيادة موسى هي قصة متأخرة، أقحمت على السرد في زمن متأخر.إن ربط مصر بلفظ المديانيين (سكان شمال غرب شبه الجزيرة) هو أقرب لفهم مخطط الجغرافية التوراتية، وهذه الصورة تتناغم مع الإيحاءات القرآنية التي تصوّر الأنبياء بقبيلة ميثولوجية ليس بعيدة زمكانيا عن فضاء الحجاز. وتنسجم مع قصص الموروث الإسلامي عن هجرتين لقبيلة جرهم وتقاليدها اليهودية وإستيطانها حول مكة، والذي حصل بالتوازي مع حكاية تدمير المعبد الأورشليمي في القرن السادس ق.م والأول م (بالمعنى الرمزي وليس التاريخي)أما النقلة الثانية في الموضوع فيأخذنا إليها الباحث الفرنسي المعروف، رونالد دوفو R. De Vaux (إرتبط إسمه بمخطوطات قمران) ففي كتابه "اللاويّة المعينية" يكشف النقاب عن لاويين في مدينة معين (مصران) شمال اليمن، وعن إلتباس وغموض دور اللاويين في السرد التوراتي الذي إعتبرهم سبطاً إضافيا لإنقاذ الرقم 12 بعد دمجه لسبطي منسي وإفرايم في سبط يوسف. إضافة لتصويرهم بمثابة كهنة جوالين لم يشملهم توزيع أراضي التوراة كبقية الأسباط. ولابد أن اللاويين قد عانوا أثناء الإصلاح الديني لملك يهوذا يوشيا ( 609ـ 640ق.م) الذي قام بمركَزة العبادة والطقوس في معبد أورشليم، وتحريم وجود معابد أخرى في أرجاء البلاد، فضاقت حياة هؤلاء (الكهنة) اللاويين المتجولين، الشيئ الذي نسمع صداه في سفر عزرا (19: 8ـ 15) حيث يروي أن عدد اللاويين العائدين من السبيّ البابلي كان معدوماً (عائلتان فقط)، والعجيب كانت أخبار التلموذ التي ذكرت أن نبوخذ نصر (605ـ 662ق.م) قام بترحيل ثمانين ألف من فتيان اللاويين إلى الجزيرة العربية.وفي كتابه "محاضرات نقدية في نشوء المسيحية 1906" خصص برنهاد كيدرمان، فصلاً عن المعينين (عرب الجنوب) وقال بأنهم المينيم Minim، إحدى الفرق اليهودية المهرطقة التي إنتشرت في كل العالم القديم، وهم من كتب عنهم هيرونيموس أحد آباء الكنيسة قائلا: لقد لعنت الكنيسة هؤلاء المينيم/المعينين في وصيتها الثانية عشرة ومعهم أيضا لعنت النوصيريم Nuserim (النصارى؟!) وتمنت أن تُنتزع أسماؤهم من كتب الأحياء وأن لا يُدوّنوا في كتاب العدالة. الباحثون اليهود قالوا إنهم عبارة عن مسيحيين يهود، أما الباحثون المسيحيون فإحتجوا على وضعهم في خانة النوصيريم، فالتراث الرابيني اليهودي ينظر إلى هؤلاء المينيم/المعينين كإسرائيليين رفضوا التوحيد وإعتقدوا بآلهة متعددة.ويمكن التصورّ بأن المعينيين قد أغضبوا الأرثودوكسية اليهودية إبان الحقبة المقدونية، وهم عبارة عن "تجار بخور" عاشوا عصراً ذهبيا في جنوب الجزيرة العربية، وملكوا تقاليد مشابهة لقبيلة جرهم، أي أن هؤلاء الهراطقة اليهود سواء كانوا(مينيم/معينين/لاويين/شمعونيين/إشماعليين/ جرهميين) قد ورثوا تجارة البخور العالمية من العماليق (هوبرت غريم قال عام 1904 بأن إشتقاق إسم العماليق حسب اللغات المسمارية يعود ل"مِلوخقا" Melukhkha ويعني: تجار البخور) فكل تلك المُسميات مرادفات لغوية لمجموعات إنتشرت بين حضرموت وقتبان، وإحتكرت تجارة البخور وسيطرت على طرق القوافل مع مصر واليونان وبلاد النهرين، عبر الجزيرة العربية (مرورا بمكة، جدة، جزيرة الفيلة بإتجاه قرطاج أو عبر العريش بإتجاه سيناء) ولابد أن تنظيماً قبلياً قد ربطهم خلال مئات السنين، ومكنّهم من إقامة مستعمرات تجارية في جزيرة الفيلة وقرطاج، وهذه الرابطة يمكن فهمها من خلال قانون الدم (العصبية) القبلي، الذي حددته آنذاك السمات السياسية الإجتماعية والدينية لمنطقة الجزيرة العربية. والذي يقوم على مبادئ: الحُرّمة وحق الضيافة، ونظام الدخيل، فهي الضمان الوحيد للسفر وسلامة القوافل. وهذا يشرح أيضا كيف أن اللاويين أو السبط 13 الذين نُذروا للمعابد وقبلوا أفكار موسى المصري (بمعنى:المدياني) وحوّلوا ديانات الخصب إلى عقيدة يهوى الرب، قد إضطروا للرحيل والهجرة، بعد (تأميم) الملك يوشيا للمعابد وحصر طقوس العبادة في المعبد الأورشليمي. الهجرة إلى أين؟ إلى جزيرة العرب، إلى حيث يحميهم قانون الدم القبلي ونظام الدخيل، الذي يتيح تبني وحماية الغرباء.هذه المقدمة المطوّلة، هي خلاصة لبعض أطروحات لولينغ (4) وتعكس إهتمامه بدراسات أنتربولوجيا التاريخ لليفي شتراوس، وعدائه للإستشراق الكلاسيكي الذي مثّله يوليوس فلهاوزن. وقد إخترتها كمقدمة لا غنى عنها، في الحديث عن بدايات الإسلام، خصوصا وأن مجموعة باحثي "البدايات المظلمة" تجاهلوا دور الحجاز ومكة كلياً وأغفلوه، ونقلوا مسرح الحدث الإسلامي المبكر إلى الشمال حيث تُركت وقائعه تدور على مساحة جغرافية تمتد بين سوريا وفارس الساسانية. وهذا الأمر يجافي الواقع، رغم مافيه من حجج منطقية، فالسياق التاريخي العام يوحي بأن الحجاز كان أحد المراكز الدينية المهمة لليهو ـ مسيحية القديمة، وربما تزداد أهميته حالياً بسبب فشل البحث الآركيولوجي في تحديد جغرافية عصر الآباء. ومن جهة أخرى فإن هذه الجماعة اوليغ/بوين، لا تفسر لنا هذا الكم التدويني الإسلامي الكبير (السردي، والفقهي) الذي أنتجه القرن التاسع ميلادي، فحتى لو إفترضنا بأسطرة روايات الموروث الشفهي، فلابد من وجود فضاء عقلي ما خلف تلك الروايات. ومن المحال أن تُنتَج من العدم. لكن قبل إبداء الرأي النقدي بعمل اوليغ.. أقدم فيما يلي ملخصا لآرائه كما وردت بخط يده (5) أثناء حملة الترويج لكتابه عام 2005:يقول اوليغ: من السائد والمعروف أن النبي محمد (570 ـ632م) وعظ بوحيّ الله بين مكة والمدينة، ثم نجح في تحويل قبائل الجزيرة العربية إلى أمة واحدة، تحت سلطته الدينية والسياسية، فحياته وأصله وزيجاته وآثاره وهجرته من مكة للمدينة عام 622م. وحروبه تم تفصيلها وسردها في المؤلفات الإسلامية. وبعد وفاته بدأت قصة النصر الديني والفكري في عهد الخلفاء (632ـ 661م) وفي عصر الأمويين في دمشق (661ـ 750م) والعباسيين إعتبارا من عام 749، وإنشاء بغداد عام 762م. تشكّلت دولة إسلامية كبرى.. فلماذا الحديث إذاً عن بدايات مظلمة؟من المعلوم أن قليلا من علماء الإسلاميات إلتفتوا إلى أن القرآن لايُقدم أية إشارات عن سيرة محمد المكّي [هنا أرجو التعوّد على هذه المصطلحات، التي تميز بين محمد مكّي، وبين محمد Prädikat بمعنى: شخصية إعتبارية] فكل المعلومات عن سيرته نجدها في كتب السير لبداية القرن 9و 10 م. أولها سيرة إبن هشام المتوفي عام 768م. والتي إعتمدت سيرة مفقودة لإبن إسحق المتوفي أيضاً عام 768م (ولا ندري إن كان ذلك حقيقة أو وهم). ثم كتاب المغازي للواقدي (توفي عام 822م.) وكتاب طبقات إبن سعد (توفي 845م.) وتاريخ الطبري (توفي 922م.) ومجموعة كتب الصحاح في القرن التاسع م. للبخاري الذي توفي عام (870م.) ومسلم (875م.) وإبن داوود (888م.) والتلمذي (892م.) والنسائي (915م.) وإبن ماجه (886م.) [شخصيا أضيف بأن أقدم المخطوطات المتوفرة حالياً لهذه المؤلفات تعود لنهاية القرن الخامس هجري ومطلع القرن السادس، والشيئ الغريب أن كل صحاح السنّة كُتبت تقريبا خلال جيل واحد من الكتاب، وهذه مسألة في غاية الأهمية؟!]ويضيف أوليغ: وبموجب النقد التاريخي فإن هذه المدوّنات التاريخية، يُنظر لها بتحفظ، فقد جُمعت في زمن أصبح فيه محمد رمزاً لهوية إمبراطورية قوية، وبما يوازي ذلك تمت صياغة شخصيته ونمذجتها. فالسمات المؤسطرة في شخصيته، تفرض نفسها على أية قراءة نزيهة، لأن كثيراً من المسائل التي طرحتها تلك المدوّنات، لم تكن ذات أهمية في ذلك العصر المُحتمل لحياة النبي. فتلك المصادر نسبت السيرة إلى القرآن (المكي والمدني) [ بمعنى أن تدوين القرن التاسع قام بنسج وإسقاط سيرة محمد لتوافق النص القرآني. طبعا من خلال تأويل هذا النص، ففي القرآن لا يرد إسم محمد إلا أربع مرات ناهيك عن غياب تفاصيل الأسماء والأزمكنة إلا بإستثناءات قليلة مثل: المسجد الحرام ببكة، والمسجد الأقصى وأسماء قليلة أخرى، وحتى هذه يمكن أيضاً تأوليها أثناء عملية التدوين الديني] ثم يضيف: لهذا فإن شخصية النبي العربي من الناحية التاريخية تظلّ ضبابية، وبتعبير قاسي: إن تاريخيته موضع تساؤل.ثم يتعرض لمقولة رودي باريت التي إفتتح بها ترجمته الشهيرة للقرآن "لا يساورنا شك بأن كل آية في القرآن، تعود لمحمد" فيقول اوليغ: لماذا ياترى؟ ومن أين له أن يعرف ذلك.؟ وماهي المصادر التي إعتمدها؟ فثمة تواتر واضح في النص القرآني، وثمة تقاليد مترادفة وأحياناً متناقضة، تشير إلى أعمال لأقلام لاحقة، وهذا تُظهره النسخ الخطيّة القديمة لصيرورة النص القرآني، ووجود دلائل متأخرة جداً على النبي [بمعنى تأخر ظهور إسمه على النقوش والمسكوكات] فمن غير المعقول أن يتم القفز على هذه الإشكاليات، إضافة إلى أن القصة التكميلية للتمدد الإسلامي قد دُونت بأيدي مسلمي القرن التاسع م. مع ندرة الوثائق من القرنين الهجريين الأولين.وهنا يستشهد بأهم باحثي الإسلام المبكر جوزيف فان إس J. van Ess: هناك وثائق قليلة من القرن الأول هـ، تتمثل ببعض النقوش الكتابية على قبة الصخرة، والمسجد الأموي، وبعض المسكوكات. وكل النصوص الإسلامية مشتبه بإسقاطها رجعيا في أزمنة لاحقة، لهذا غادر فان إيس القرن الهجري الأول ودخل فى الثاني، وهناك لاحظ أيضا غياب الوثائق الأصلية. أي أن القرنين الأولين مُبهمان ويقعان في ظلمة التاريخ. والسؤال: لماذا لم تترك الدولة الإسلامية أية وثائق؟ ولماذا لم يترك خصوم العرب ورغم وجود كتاب بيزنطيين ويهود ومسيحيين كثر، عاشوا تحت السلطة الإسلامية (المزعومة) لماذا لم يتركوا أية وثائق؟ وهنا يشير إلى أن كتاب "البدايات المظلمة" محاولة لرسم خطوط مسار هذين القرنين. من خلال الشواهد القليلة المؤرخة (كالمسكوكات والنقوش). ويضيف لقد تمت البرهنة على أن هذه النقوش الكتابية على المسكوكات وقبة الصخرة في القدس هي رموز مسيحولوجية* تخص اللاهوت السوري.وبإختصار يقول كارل اوليغ، بأن النقوش على قبة الصخرة والمسكوكات، تدل على محاولة مسيحية سورية لوضع حدود مع كنيسة بيزنطه ذات الأقانيم الثلاثة، وتوثّق محاولتها الفخورة في المحافظة على هوية خاصة بها، ويضيف: لقد أصبح واضحا بأن عام الهجرة قد إستخدمه العرب المسيحيون في حسابهم عام 622م.، ثم جرى تحويره ليصبح إسلامياً، ولغاية القرن الثامن، كانت مناطق المشرق العربي وشمال أفريقيا، تخضع لزعامات مسيحية، وأن الحكام الأمويين وأوائل العباسيين كانوا مسيحيين، وحتى بداية القرن الهجري الثاني كانت الشخصية الإعتبارية "محمد" متماهية مع صورة "المسيح"، ثم إنفصلت عنها في القرن الثامن، حيث منحت إمكانية لنشوء هوية عربية إرتبطت بالنبي محمد بصفته المستقلة، بعد ربطها بالمدن المقدسة العربية مكة والمدينة. وفي هذا المفصل نشأت مؤلفات السير وكتب حديث السنّة وتواريخ الملوك وذلك بإسقاطها رجعيا على تاريخ إسلامي متسلسل، وهذه الصيرورة المُدهشة تشبه تماما ما فعله محررو التوراة (أسفار موسى الخمسة)، عندما أسقطوا الأحداث رجعياً على أزمنة غابرة، ثم جرى تعليلها وتأوليها ومنحها الشرعية. ويضيف بأن نسخ القرآن في القرن الثامن، كانت تحتوي على أخطاء كتابية، ثم إنتظرت قرناً إضافياً لتأخذ صياغتها القانونية الإسلامية، وقد حدث ذلك في العراق وفي محيط كتابي يهو ـ مسيحي.ويختم بإشارته لقراءة لكسنبرغ الآرامية للقرآن، التي حاولت البرهنة على إرتباط المباني القواعدية لعربية القرآن بقواعد السورو ـ آرامية، وكيف أن دراسته أعطت قراءة جديدة لبعض آيات القرآن، بعد أن رفعت اللبس عن أخطاء التنقيط وذلك بإرجاع الدلالة إلى الجذر اللغوي الآرامي. والجديد هو كشف لكسنبرغ لأخطاء مردها إشتراك الخط العربي والآرامي في أربعة حروف هجائية، تتشابه أو تتطابق في كتابتها (رسمها) وتختلف في نطقها (هجائها)، وأدى هذا التشابه في رسم الحروف لإلتباس المعنى أثناء نقل وكتابة المادة القرآنية بالخط العربي. ويختم قائلاً بأن المسيحية العربية قامت بتأليف كتابات وشروح وتفاسير للعهدين القديم والجديد بلغتها السورو ـ آرامية تتناسب مع رؤاها، وهذه قد نُقلت للعربية في عهد عبدالملك 705م. أو إبنه الوليد 715م. الذي جعل العربية لغة الدولة الرسمية. وإن الإشارات التي تدل على إتلاف النصوص القرآنية (المخالفة) وإبقاء النص العثماني، تعود للقرن التاسع م. وتعني إتلاف النصوص السورية الأصلية، التي سادت حتى بداية القرن الثامن م.

بعد العموميات التي أطلقها اوليغ، أقدم فيما يلي موجزاً للبنى الأساسية التي ارتكزت عليها فرضياته، ونظرا لطول البحث وتشعبه في كتابين كبيرين، رأيت أن أقف عند أفكار رئيسية شكلّت المداميك الأساسية للبحث أولها: دراسة ك.لُكسنبرغ الفيلولوجية المقارنة حول نقش قبّة الصخرة، كما وردت في كتاب "البدايات المظلمة". وثانيها: دراسة ف.بوب حول تأويل النقوش الأخرى والمسكوكات، ورؤيته للمسار التاريخي الذي سلكته الأحداث مطلع القرن السابع م. كما وردت في كتاب "الإسلام المبكّر" آملاً الاختصار بما تسمح به هذه الوريقات.قبة الصخرة:تحت عنوان "تأويل جديد للنقش الكتابيّ العربيّ على قبّة الصخرة في القدس" (1)، يُقدّم لُكسنبرغ في البداية تعريفاً بدور اللغة الآرامية باعتبارها لغة التواصل الدولية Lengua Franca في المنطقة، ولغة إنجيل "بشيطا" (البسيط) لمسيحيّي المشرق المنسوب للقرن الثاني م. كما يعلمنا بأنّ النقش الكتابيّ لقبّة الصخرة قد أخذه عن تصوير موثوق جاء في كتاب غرابر O. Graber ويعود النقش لعبد الملك بن مروان باني الصرح عام 72عربي* 695م ، مع التنويه بأنّ اسمه قد شُطب من النصّ واستبدل باسم المأمون عام 216 هجري. وقبل عرض آراء لُكسنبرغ أقدّم الجزء المهمّ من النقش الكوفيّ كما أورده الكاتب (2)1ـ بسم الله الرحمن الرحيم/لا إله إلا الله وحده لا شريك له/ له الملك وله الحمد/ يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير/ هذا المقطع يتطابق مع القرآن (64آية 1) (57 أية 2)2ـ محمد عبدالله ورسوله/ إن الله وملائكته يصلون على النبي/يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما/صلى الله عليه والسلم عليه ورحمت الله/ جزء من المقطع يعود للقرآن (33 آية 56)3ـ يا أهل الكتاب لا تعلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق/ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقيها إلى مريم وروح منه/فآمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلثة/ انتهوا خيرا لكم/ إنما الله إله وحد/سبحانه/أن يكون له ولد/له ما في السموت وما في الأرض/وكفى بالله شهيدا (4 آية 171)4ـ لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون/ومن يستنكف من عبدته ويستكبر فسيحشركم إليه جميعا/ (4 آية172)5ـ اللهم صلي على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم/ والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا/ ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون/ما كان لله أن يتخذ من ولد/إذا قضى أمرا يقول له كن فيكون/إن الله ربي وربكم فاعبدوه/هذا صراط مستقيم (19 آية 33ـ 36)المقاطع أعلاه نُقلت كما هي تقريبا، وتعود لخط كوفي، تعرض للتنقيط بما يناسب تطور الكتابة العربية. والملاحظ أنّ ضمير المتكلم (مقطع5) في سورة مريم الآية 33 "والسلام عليّ يوم ولدتُ ويوم أموتُ ويوم أبعث حيّا" قد أصبح ضميراً غائبا، وهذا برأيي منح سياق النص جمالية. والأهمّ أننا أمام أحد أقدم الوثائق العربية المدوّنة، لإسلام ذلك العصر، وهذا بالطبع ليس رأي لُكسنبرغ فإسلام ذلك العصر كان ما يزال حينها مسيحية سورية. وهنا يسوق لُكسنبرغ أدلّته:ينطلق الكاتب من الجملة الاسمية "محمّدٌ عبد الله ورسوله" (3) (مقطع2)، ويرى أنذ لفظ "محمدٌ" ليس اسماً لشخص بل صفة لـ"عبد الله ورسوله" كما لو كنا نقول: ممجّدٌ أو مبجّلٌ عبد الله ورسوله، والمقصود بهذا التبجيل هو عبد الله ورسوله المسيح، حيث أنّ عطف عبد الله على رسوله (بالواو)، يتّسق مع المقطع الخامس في قوله: اللهم صلي على رسولك وعبدك عيسى بين مريم؟ قد يبدو الأمر مسلياً في هذه اللعبة اللغوية، لكنّ الكاتب يقطع علينا اللهو ويأخذنا إلى أمور تستحقّ التأمّل (وحكّ الرأس). عندما يُورد السياق التاريخي لاستخدام "عبد الله" أو "خادم الربّ"، فاللفظ كما يقول ارتبط بالتراث السوريّ منذ فجر المسيحية، وجذوره تصل إلى القرن السادس ق.م حيث كان "عبد الله" لقباً لأشعيا أحد الأنبياء المتأخّرين، وصاحب سفر أشعيا. ويضيف بأنّ هذا اللقب ورد في رسائل المسيحية الأولى لكليمنس أحد آباء الكنيسة المبكّرين في جماعة كورنثوس الذي قال: الله وحده خالق كلّ شيء "وحبيبه وعبده (خادمه) يسوع المسيح". وفي منتصف القرن الثاني الميلاد يرد في الشهداء (14:1) لبوليكارب Polykarp: الله القادر على كلّ شيء، أبُ هذا الحبيب والمحمود (بمعنى: محمّد أو ممجّد) العبد يسوع المسيح.وللربط بين عبد الله ونبّوة المسيح يورد الكاتب قول القرآن: قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّا (19 آية 30) ثمّ يُعرّج على إشكالية في الآيات 18ـ 20 سورة 72: وان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا/وانه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا/قل إني أدعو ربي ولا أشرك به أحدا.وهنا يعطي لُكسنبرغ مثالاً على غموض بعض الآيات بسبب أخطاء حصلت أثناء تعريب الآرامية، وتشابه الرسم لأربعة حروف هجائية واختلاف نطقها، والالتباس كان في قوله: "كادوا يكونون عليه لبدا" إذ إن تفاسير هذه الآية 19 من سورة الجنّ، تربطها بسماع الجنّ (4) لمحمد وهو يتلو القرآن، فتزاحموا وتكدّسوا في المكان (لبدا) أو انطرحوا أرضا بسبب الزحام. أما الكاتب فيرى أنّ الإشكالية نجمت عن تشابه رسم حرف العين الآرامي "حـ"، مع حرف اللام العربي "لـ" وهذا الالتباس أدّى إلى استبدال العين باللام في كلمة "لبدا" واللام بالعين في "عليه" والأصل أن الآية كانت: "كادوا يكونون له عُبّدا" (والمقصود أنهم كادوا يعبدون عبد الله "المسيح") وبهذا يستوي المعنى حسبما يقول الكاتب.تقويم العرب:بداية أشير إلى أن هذا المجتزأ هو خلاصة لدراسة ف.بوب التي توزّعت على الكتابين المذكورين، وهي العمود الفقريّ لهما وتبلغ مجتمعة أكثر من 250 صفحة من الشروح وصور الوثائق، وأسماء المراجع. ولتشعّب الموضوع سأقدّم فيما ما يلي تعريفا متواضعا للإلمام بهذه الفرضيات التي رمت إلى إعادة بناء الصورة التاريخية المبكّرة للإسلام حسب تأويل بوب للنقوش الكتابية (خصوصا الأموية)، مع مرور سريع لمعرفة الوضع الدوليّ آنذاك وما آل إليه النزاع البيزنطي الساساني مطلع القرن السابع:في كتاب: الإسلام المبكّر (5) يبدأ الكاتب برحلة أركيولوجية بين أوغاريت على شواطئ سوريا مرورا بالحضر شمال بلاد النهرين وصولا إلى خورسان في فارس ويسجل القراءات التالية:آـ في النصوص الأوغاريتية عُثر على مصطلح "مهمد". الذي اقترن استخدامه بصفاء الذهب ونوعيته المنتقاة. وقد احتفظ اللفظ الأوغاريتي "محمد" على محتواه الدلالي بمعنى: منتخب، مصطفى مختار، حتى بداية الإسلام.ب ـ يجد الكاتب أنّ منطقة غرب دجلة التابعة لمدينة الحضر في القرن الثالث م. (الجزيرة السورية الواقعة بين دجلة والفرات) هي التي قُصدت بمصطلح "جزيرة العرب". فالنقوش التي عاصرت المدينة كانت تذكر الحاكم باسم "ملك حضر وجميع العرب"، وهذا ما تؤكده شهادات لمؤرّخين رومان. أي أنّ أصل Arabia ليس شبه الجزيرة العربية، بل الحضر إضافة إلى مملكة الأنباط، ومنطقة حمص، ومملكة الرها شمال بلاد النهرين، كما يفصلها في بحث نشره عام 2006 (6). وسكان هذه المناطق كانوا من العرب والآرب (اصطلاح يقصد به مرحلة لغوية بين العربية والآرامية، السابقة لعربية سيبويه)، وكانوا من أتباع الكنيسة السورية الما قبل نيقية [التي تعارضت مع قانون الإيمان لمؤتمر نيقيا 325 م. ومفاهيم التثليث البيزنطي وتضم بالعادة كنائس إنطاكية والرها، وسلوقيا (قرب بغداد) إضافة للغساسنة والمناذرة العرب]ج - يجد الكاتب أنّ هؤلاء، وأثناء الحروب الرومانية البيزنطية مع فارس، قد تعرّضوا للتهجير مرات عديدة منذ عصر أردشير 241م عندما احتلّ مدينة الحضر وأنهاها، وحتى عصر خسرو الثاني (قتل عام 628م) الذي قام بترحيل سكان أنطاكية والقدس والرها وتوطينهم في شرق بلاد فارس (سيستان ومرو)، والمعروف أن المُهجّرين السابقين إلى خوزستان كانوا قد أنشؤوا هناك مدينة جند يشابور وغيرها.د ـ استطاع خسرو الثاني في صراعه مع بيزنطة أن يحتل سوريا عام 614م. وأن يستولي على الصليب الأصلي (في القدس) وكذلك احتل مصر عام 618م. وكاد أن يصل القسطنطينية ويسقطها. ثم تغيّرت الصورة بعد اعتلاء هرقل فبدأ البيزنطيون يحققون النجاح عبر حشد لمسيحي المشرق البيزنطي (سوريا) والمسيحيين القدماء في فارس، وكان الحلف foderati مع العرب (الغساسنة) يسمى "قريش" والكلمة تحوير للفظ آرامي: قريشا، وبهذا تمكّن هرقل من تحقيق نصر مباغت على الفرس (فوق أرمينيا الحالية) في 5 أبريل عام 622م، ثم في نينوى عام 628م. أعقبها استعادة الصليب، واستسلام ابن خسرو وتوقيعه ما سُمي "سلام الرشد" أعقبه انهيار الدولة الساسانية.وهكذا أصبح عام 622م. عام تحرّر المسيحيين العرب/الآرب من الهيمنة الدولية، فقد اضطرّ هرقل فيما بعد للإقرار باستقلالهم، والتنازل عن لقبه كإمبراطور واتخاذ لقب باسيليوس (خادم المسيح) وهذا العام أصبح تقويماً عربياً لذكرى الاستقلال.وأهمّ إشارة لحقبة العرب أو تقويمهم نجدها على النقش الكتابي اليوناني في حمامات قادرGadra في الجليل/ فلسطين، وعليه ذُكر الحاكم الأول لجميع العرب "عبد الله معاوية أمير المؤمنين" MAVIA AMIR ALMOMENIN وينفرد النقش بذكر الحقبة التي يُنسب إليها حكم معاوية، والتي أرّخت بموجب التقليد المحلي للمدن العشر Dekapolis في مقاطعة "العربيا" الرومانية، حيث ذكر النقش حقبة القيصر كونستانوس الثاني Konstanus II يتبعها التقويم المحلي ثم حقبة الحاكم الإقليمي (الوالي). وكما يلي: السنة السادسة للقيصر، الأسبوع الثاني، خامس أيام ديسمبر وهذا يوافق نهاية عام 663م. أما حقبة ديكابوليس، فمسكوكاتها معروفة ومؤرخة منذ العام1 بعد الاحتلال الروماني المصادف 64/63 ق.م. وفي النقش ذُكر عام 726/من حقبة المدينة، وهذا يعادل عام 662/663 م. وأيضا وردت حقبة الحاكم (الوالي) معاوية وتحديدا عام 42 KAT ARABA/S/ "بعد العرب" والتي يربطها الكاتب بنصر هرقل على الفارسي عدوّ العقيدة عام 622م. عليه فإنّ عام 42 يعادل 663م، والجدير بالانتباه أنّ الحساب في الحقب المذكورة كان بموجب السنة الشمسية وهذا أمر في غاية الأهمية، ويتناقض مع الموروث الذي يخبرنا بحساب قمري متسلسل؟بعد وفاة هرقل عام 641م /20 عربي، تحقق للعرب الاستقلال الرسمي وضرب المسكوكات باسمهم. وخلال القرنين الأولين حملت المسكوكات عبارة "أمير المؤمنين" لكنها لم تكن تتطابق مع لقب"خليفة"، ويجد الكاتب أن أمير المؤمنين وردت بمعنى "مسؤول الأمن، أو راعي الأرض" كما يرد ذلك في كرونولوجيا إسبانية من عام 754م. وورد في اللغة البهلوية (الفارسية الوسطى) على المسكوكات العرب ـ ساسانية بصيغة: أمير ورييشنيغان.ومن دراسة الكاتب لتلك النقوش الكتابية والمسكوكات، يصل إلى فرضية أن (الإسلام؟) بدأ في بلاد فارس وسط جماعات من المسيحية الما قبل نيقية، تأثّرت بمفاهيم فارسية غذّت مبادئ دين إبراهيم، كصورة للعقيدة النقية وعدم الشكّ. إضافة إلى أنّ جميع المسكوكات العرب ـ ساسانية تمّ ضربها على الطريق بين خوزستان ومرو وسيستان مرورا بالريّ، خصوصا في دارابجيرد التابعة للمقرّ الساساني القديم بيرسيس (جمشيد) وحملت ألقاب قيمة مسيحولوجية: كعبد الله، وعبد الرحمن ومُهمَت [مهمت: هي الصيغة الكتابية الآرامية لمحمد، حسب تقاليد الخط البهلوي (وأتت بمعنى مصطفى، منتجب) كما وردت لأوّل مرة على سكّة من زرنج/سيستان عام 56 أي بمثابة صيغة تفخيمية وليس اسما شخصياً] كما يذهب الكتاب.صعود معاوية وهبوطه:بعد أن نال عرب/آرب المشرق (البيزنطي والساساني) استقلالهم على يد هرقل، عادت الصراعات الدينية مع بيزنطة حول طبيعة المسيح واحتدمت أيام القيصر كونستانوس الثاني، خصوصا مع أتباع الطبيعة الواحدة في سوريا ومصر، مما اضطره لانتزاع الوثيقة الشهيرة لهرقل من آية صوفيا والمسماة Ekthesis والتي نظمت العلاقة بين كنيسة بيزنطة ومسيحيي المشرق، وسن قانون اسمه: Typhos يمنع النقاش حول مسائل القدرة والإرادة (محور الجدل المسيحولوجي). وبعد استفحال الصراع اضطر القيصر لترك القسطنطينية، ونقل مقرّ الحكم البيزنطي إلى سيراكوس في صقلية عام 662م. وفي ذات السنة نصّب معاوية نفسه أوّل أمير للمؤمنين، كما يوثّقه المسكوك الوحيد الذي ضُرب باسمه في دارابجيرد عام 41/(662م)وعام 663م انتهز معاوية فرصة رحيل القيصر عن العاصمة، وبدأ مساعي لتوحيد العرب/الآرب الشرقيين والغربيين، وبدأت قوّاته تشنّ الغارات في آسيا الصغرى، ثم تقدم بأسطوله في عملية قفز بين جزر قبرص ورودوس ـ كوس ليبلغ عام 672م. كيزيكوس القريبة من القسطنطينية. لكن حصار القسطنطينية أخفق أمام أسوارها المنيعة، وذهب أسطوله طعما للنار اليونانية، مما سبّب له الخيبة ودفع الجزية للقيصر الابن قسطنطين الرابع (668ـ685م)، وهذا كان سبب الخلاف مع حلفائه الشرقيين في فارس (الما بعد ساسانية)، وربما أدت الهزيمة إلى نهاية سلالته الحاكمة. حيث أنّ يزيد ومعاوية الثاني مازالا بدون أثر أركيولوجي يدلّ عليهما، فالأول صوّره الموروث شريراً فاسقاً، والثاني مريضاً وافته المنية بسرعة، وهما بنظر الكاتب جزء من أدب دينيّ، كان يهيّئ السامع لانتقال السلطة إلى السلالة المروانية.وما يؤشّر على انفضاض العرب/الآرب الشرقيين عن معاوية، مسكوك ضُرب في دارابجيرد عام 53/674م باسم أمير جديد للمؤمنين، هو عبد الله بن الزبير أو أمير وروييشنيغان حسب اللغة البهلوية، [وهذا يتناقض حسب رأيي (كرونولوجياً) مع قصة الموروث الإسلامي، عن صعود ابن الزبير كخليفة مضادّ لخلافة يزيد. لأنّ مسكوك ابن الزبير عام 53، يدلّ على تتُويجه في دارابجيرد أميراً للمؤمنين، في عصر معاوية؟! ولا علاقة ليزيد بالموضوع]واللافت في سَكّات دارابجيرد، أنّها اقتصرت على ذكر "أمير المؤمنين" بالصيغة البهلوية مع الاسم الأول للحاكم دون اسم عائلته (قبيلته) وجدير بالذكر أن درابجيرد حسب تقاليد الحكم الساساني كانت مركز السلطة، ومن أراد أن يكون حاكماً على فارس القديمة وجب عليه امتلاكها وإخضاعها، ليحصل على الاعتراف بشرعيته، ولتُضرب له العملة في سنة اعتلائه الحكم، وهذا الأمر شديد الأهمية لكلّ الحكام، وقد سرى مفعوله أيضاً على معاوية وابن الزبير وعبد الملك الذين تركوا بصماتهم:ـ سكّة باسم معاوية عام 41 عليها تصوير الملك الساساني ـ ضُربت في دارابجيرد ـ وكُتب عليها بالبهلوي: معاوية أمير ـ ي ـ وروييشنيغان (المؤمنين) ونفس الشيء لابن الزبير بين أعوام 53ـ 60 وعبد الملك بين 60ـ 61.ـ أما سكّات الأقاليم، فكانت تذكر اسم الوالي ولقبه العائلي (بدون أمير المؤمنين) كما في مسكوك لعام 41 من دارابجيرد باسم: زيات ـ ي ـ أبو سفيان (عرفناه بزياد ابن أبيه)ثم يُورد الكاتب أن عبد الله ابن الزبير، الذي يروي التاريخ الإسلامي قصته في مكّة أثناء حصار الحجاج لها وضرب الكعبة بالمنجنيق عام 72هجري، وما حدث أثناء هزيمة أخيه مصعب أمام الحجاج في معركة مسكن (البصرة) ومقتله عام 71. هذه القصة لا تتطابق مع المسكوكات، التي تكشف أن ابن الزبير كان حتى عام 60 أميرا للمؤمنين كما في سكّات درابجيرد. ثم واليا (حاكما إقليميا) حسب مسكوكات كرمان للأعوام 62 ـ 69 وأخرى في إصطخر لعامي 63و66، وثالثة في أردشير خوررا بين أعوام 65ـ 67 وهذه جميعها قد ضُربت باسمه ولقبه العائلي (عبد الله زبيران) كما هي العادة في سكّات الولاة. (7)عصر عبد الملك وأولاده:أما المسكوك المثير لعام 75/696م. فيعود لمرو /خوراسان، باسم عبد الملك: وقد نُقش عليه اسمه بدون ذكر لقب "أمير ورويشنيغان"(المؤمنين)، إنما بصيغة: عبدالملك مرون ان ـ ي وهذه هي الطريقة التي يُسمّى بها الوالي. أما لفظ "مروان ان" MRWANAN فيتكون من "مرو" (مدينة) وصيغة المضاف الفارسية "ان" وصيغة الجمع "ان" هذا يعني أن اسمه: عبد الملك المروزي (الذي تعود عشيرته لأهل مرو). وهذه الصيغة الفارسية للاسم جرى تعريبها فيما بعد إلى "مروان".ممّا تقدم يصبح لزاماً علينا، ولو بصورة مؤقتة، نسيان التدوين الإسلامي وشجرة الأنساب العربية، فهي بنظر الكاتب مُختلقة من الرواة وحبكها الموروث في وقت متأخّر، فعبد الملك بن مروان هو: عبد الملك من مرو/خوراسان؟ ومن خلال مراجعته للنقوش والسكّات الكثيرة المضروبة باسمه بين خوراسان وخوزستان ودمشق وحمص والقدس وشمال أفريقيا وتأويل ومقارنة ما عليها من صور ورموز وصل الكاتب إلى النتيجة التالية:بعد أن حاز عبد الملك على لقب أمير المؤمّنين، الذي توثقه السكّات العرب ـ ساسانية، اتجه مع أتباعه من شرق فارس غرباً وكانت وجهتهم القدس إيليا، لإعادة بناء الهيكل (قبة الصخرة) وانتظار عام 77/عربي (نهاية القرن السابع) موعد قدوم مسيح القيامة، فحينها ساد اعتقاد بقرب الساعة. وهذا الأمر تدل عليه مسكوكاته التي صوّرت مسيح القيامة على عملاته المضروبة، التي تتماهى مع نقش قبة الصخرة لعام 72 والذي فُسّر بأنه دعوة لوحدة ووئام (إسلام) الفرق المسيحية المتنابذة والمتصارعة، من أجل التهيؤ لقيام الساعة، ويسوق الكاتب أمثلة كثيرة على سيطرة الأفكار القيامية على عبد الملك بنسختها السورية كما جاءت في أبوكالوبسه دانيال، وهذا يبدو جلياً في أختام من الرصاص تعود لبريد عبد الملك عُثر عليها في فلسطين، وتحمل اسمه ويرد فيها اسم "فلسطين" لأول مرة وشعار: يغار ساهادوتا الخاص بعبد الملك، وهو رمز أبوكاليبسي عن قيام الساعة. وكذلك سكّة أمير المؤمنين لعام 75/ 696م. فعلى الجهة الأمامية للمسكوك يوجد تصوير لخسرو الثاني(؟) وتأريخ "سنة خمس وسبعن" بأسلوب ساساني وخط عربي. وعلى الجهة الخلفية يوجد في الوسط تصوير لمهمت/محمد واقفا بوضعية أبوكاليبسية قيامية ويحمل سيف اللهب كقاضي الدينونة، وإلى شمال تصويره يُقرأ بالعربية: "أمير المؤمنين" وإلى يمينه "هلفة الله" (بالآرامية halpa) والقصد خليفة الله.ومن يكون محمد/مصطفى، الذي دارت حوله النقوش الكتابية الفارسية؟ هذا ما يعلمه المرء للمرة الأولى من نص عربي على مسكوك فضي من عام 66 ضُرب في بيشابور كُتب فيه " باسم الله محمد رسول الله" والسؤال من يكون هذا الرسول؟ فتأويل لفظ "محمد" على قبة الصخرة أعطى استنتاجا بأنه صفة لعبد الله ورسول الله، كذلك هو الحال مع سلسلة سكّات عبد الملك، فالمقصود هو: عيسى ابن مريم، والصيغة "محمد رسول الله" تشبه قولنا: مبارك أو ممجد رسول الله (المسيح) واختصارا فإن عبد الملك آل مرو (الخورساني) وأتباعه من شرق فارس، الذين هم بالأساس من المُهجّرين المسيحيين العرب والآراميين وأتباع الكنائس التوحيدية الما قبل نيقية، قد ارتحلوا إلى الغرب بقيادة عبد الملك بهدف تأسيس سلالة داوودية حاكمة لاستقبال المسيح المنتظر في الهيكل الجديد (قبة الصخرة) الذي أعيد بناؤه. هذا ما يصل إليه الكاتب من خلال تعقب الكثير من النقوش، التي يصعب عرضها وتناولها في هذا المجتزأ، ومن ضمنها السكّات السورية النحاسية ذات الطابع العرب ـ بيزنطي والصور والرموز الدالة عليها (وجود السمكة، وحرف Mالقيمة العددية 40 رمز هرقل، والنخلة بدل الصليب في إشارة لولادة المسيح حسب الصورة القرآنية..إلخ). وكذلك سكّة شرق الأردن التي ذكرت الاسم "محمد" بالعربية لأول مرة. فكل قراءة الكاتب تذهب إلى أن محمد هو نعت يتطابق مع المسيح.وفي السياق التاريخي يمكن ملاحظة إدانة الموروث الإسلامي لمفهوم قيام السلالة الملكية الأموية، واستنكاره لتحويل الحجيج للقدس أيام عبد الملك، واعتباره بمثابة صرف نظر عن مكّة. لكن الكاتب يرى أن عبد الملك وبعد إخفاق توقعاته الأبوكاليبسية حول قدوم مسيح آخر الزمان، اكتشف يوحنا المعمدان (يحيى) وحوّله إلى رمز جديد وحارس لعاصمته دمشق.ثم يرسم الكاتب صورة للوضع الدولي آنذاك حول مبادئ الحقّ وشرعية السلالات الحاكمة، ووفق تلك الصورة فإنّ مقتل جستنيان الثاني آخر السلالة الهرقلية عام 711م. كان السبب الذي قاد (الوليد) وسليمان بن عبد الملك للهجوم ومحاصرة القسطنطينية بغرض انتزاعها من غاصبي العرش، باعتبارهم يمثلون السلطة الشرعية التي ملكت الحقّ في وراثة هرقل. وفي أكثر من مكان يستنتج الكاتب أن الزحف العربي الذي انطلق من سوريا إلى شمال أفريقيا وإسبانيا كان عملا ضمن مبادئ ومفاهيم الشرعية الدولية آنذاك، والتي أتاحت للعرب وراثة بيزنطة، ناهيك عن أنه يرى في قصة الفتح الإسلامي للشام محض أسطورة. فالفحوصات الأركيولوجية لخط وادي اليرموك تشير إلى أن الروم (البيزنطيين) تركوا الحدود الجنوبية الحصينة خلال القرن 4 و5 م. (حصنا فتيان وياسر) وفي نهاية حكم جوستنيان (565م) أخلوا وسلّموا معسكري الألوية المرابطة هناك، وتتمثل في 16 حصناً وهي عبارة عن مئة كيلومتر من الشريط الحدودي مع جزيرة العرب الممتد من وادي حازا حتى إيدوم.. وكما يبدو فإن بيزنطة ومنذ أمد لم تعد تمارس نشاطا إداريا، ولم يُعثر هناك على مبان رسمية للقرن 6 م. حيث اقتصرت على العرب الغسانيين الذين أنابوا الروم في إدارة سوريا باتفاق يُسمىFoederati [بالآرامية قريشا Qarisha من جذر "قَراما" ومعناه "جمّع" ولاحقاً عُرّبت إلى "قريش"] والقرشيون الذين ظهروا في التاريخ الإسلامي هم عبارة عن حلفاء الروم في الجزيرة وسوريا. فمنذ مطلع القرن 6م. تم دمج الحكام المحليين للغسّاسنة، داخل هرمية السلطة البيزنطية، إذ حصل الحاكم العام الغسّاني في بصرى على لقب Patricius (لقب يُخلع على كبار رجال بيزنطة) وصفة تفخيمية "للنصر" Gloriosissimus تؤهله لوضع التاج الخاص بالملوك التبّع، وكان الحجاز ضمن نفوذه الإداري، من هنا يخلص الكاتب إلى أن غزواً عسكريا لسوريا وجنوب العراق لم يحدث، ولا يوجد أثر واحد يدل على نشوب معارك في اليرموك إنما هنالك انتقال للسلطة إثر تسلم حلفاء هرقل العرب مقاليد الأمور، ثم اعتمادهم العربية لغة الغساسنة.خاتمة:في الحقيقة كنت، وكما نوّهت في المقدمة المطوّلة، قد أعددت ما استطعت من رباط الخيل، لمناقشة ونقد هذه الأطروحات المهمة لبوب واوليغ، لكن الأقلام جفّت والصحف رُفعت ولم يبق حيز لنقد هذا التجاهل المريب لدور الحجاز وإغفال عروته الوثقى مع العهد القديم وعصر الآباء، لذا سأختم بإحدى لمحات ف. بوب الذي يشير بكثير من الذكاء إلى لعبة الأعداد (الأرقام) الإسلامية: بعد هجرة النبيّ عام واحد (عدد أساسي لا يقبل القسمة إلا على نفسه) تبوّأ أبو بكر الخلافة عام 11 (عدد أساسيّ أيضا)، ثمّ عمر عام 13 (عدد أساسي)، ثمّ عثمان عام 23 (عدد أساسي) وبقي بالحكم لاثنتي عشرة سنة مقدّسة جُمع فيها القرآن، وعام 35 (حاصل ضرب عددين أساسين 5و7) جاء دور عليّ، الذي أكمل الأربعين سنة من رحلة موسى في صحراء التيه، إنها أربعون سنة من رحلة الزمن الميثولوجي في صحراء مكّة. تنويه: إن القصد من عرض نظريات اوليغ هو إطلاع القارئ العربي على طبيعة الجدل النقدي التاريخي في ماضي الأديان، خصوصا مع النهضة الحديثة في علم النقوش القديمة، والعثور على مسكوكات لم تكن معروفة قبل عام 1993، وألفت نظر المهتمين إلى أن علم النقوش القديمة قد وثّق بشكل لا لبس فيه تاريخية المؤسسين الأوائل: معاوية، ابن الزبير عبدالملك، لكن الملاحظ عدم وجود أثر لعلي ابن أبي طالب أو الحسين أو يزيد؟؟ وغياب للمؤسسين العباسيين المنصور والسفاح وهذا أمر مهم للغاية ، لقد عُثر على مسكوات من عام 132 تحمل إسم: أبو مسلم أمير آل محمد وفي آخرمسكوك آخر ورد بإسم عبدالرحمن (المقصود أبو مسلم الخوراساني) وعليه خلص الكاتب إلى أن معركة القضاء على الدولة الأموية كانت حربا داخلية بين الخورسانيين أنفسهم كون عبدالملك هو أيضا مروزي خورساني؟؟؟ الغريب أن مسكوكي عبدالملك 75 والمأمون 202 يذكرهما بلقب: خليفة الله (وليس خليفة للرسول كما يعلمنا الموروث)؟؟ وهذا يعني أن الدولة العربية (الإسلامية ) ولدت من البداية دولة أتوتوقراطية

الخميس، 12 نوفمبر 2009

للشاعر على سلامة


على باب سفارة كندا..

لمحت إبليس و ف إيده استماره..

باقول له على فين..

قاللي بص ..

يا هجرة ..يا إعارة.....

يا عم زهقت.. كفرت ..

ألاقيش معاك سيجارة..

أنا انتهيت خلاص ..

لا نافع وسواس ولا خناس..

ولا ليا عيش وسط الناس..

دي عالم مجرمين.. عندكوا فائض ف الفساد..

في كل البلاد..ومش محتاجين شياطين ..

ماليش عيش ف دي البلاد بقالي سنين عاطل ..

و انتوا بتعرفوا تقلبوا الحق باطل..

و تسلكوا القاتل ..

و تمشوا ف جنازة المقتول..

ومافيش مشاكل..

يا عم ده انا بقيت أوسوس بالمقلوب..

و أقول للحرامي ..

كفاية بقى .. توووووب..

إنت إيه..

لوحدك هاتعمل كل الذنوب..؟؟

و أنا إبليس أشتغل واعظ ..

ولا كمساري ف اتوبيس..

يا عم ده أنا زمان كنت أستنى حد ينسى يسمي وهو بياكل لقمته..

دلوقتي كل أكلكم ملوث ..

و بصراحه الواحد خايف على صحته..

ده مافيش ضمير أساساً عشان أموته..

و كل واحد بمزاجه .. خربانة ذمته..

يا عم ده كل حاجة إتسرقت..

وكده الأجيال الجديدة م الحرامية إتظلمت..

يا راجل ده من كتر ما لطشت معايا..

خرجت ف مظاهرة مع الناس اللي بتقول كفاية..

و برضه ......... مافيش فايدة

الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

ماذا بقي للاسلام ؟

منذ بدأ الراحل د. مصطفي محمود في سبعينات القرن الماضي حلقاته الشهيرة عن العلم والايمان علي شاشة التليفزيون المصري حتي انبرت، او ربما دفعت السلطة السياسية، باكثر من وجه ليزيد الطين بلة ولتبدا كل انواع التلفيق بين اي نظرية علمية أو مشهد مادي وبين ما يجده العقل المسلم في طيات القرآن او الحديث.
كان البرنامج امتدادا لبرنامج سابق عليه باسم "نور علي نور" قدمت فيه شخوص اسلامية كالشيخ الشعراوي علي سبيل المثال لا الحصر.عجز المسلمون قديما وحديثا عن اكتشاف نظرية علمية واحده تفض غيمة غيبوبة العقل الاسلامي لكنهم كانوا حافظين لأي نص قرآني به اتفاق لفظي ما مع النظريات العلمية الحديثة. لم يترك د. مصطفي محمود مجالا علميا بدءا من قوانين الحركة والطاقة الي البيولوجي وعلم النفس حتي وجد نظرياتها كامنة في النصوص الاسلامية. لكن إضافته المهمة والتي سربها في احاديثه لتاكيد تلفيقاته كانت في وصم واتهام كل عالم اتي بنظرية لها صدي اسلامي مناقض ومختلف وليس بمؤمن ويا حبذا لو كان كافرا او ملحدا. وكانت لحظة الذروة تأتي لو انه كان من اصول يهودية. كان سيجموند فرويد ضحيته الكبري حيث اتهمه بكل انواع الرزائل. حتي مرضه بالسرطان فكان ضمن ما سلطه الله عليه لانه جاء بنظرية استعصي علي د. مصطفي إمكانية التوفيق بينها وبين ما جاء في القرآن.
فمجرد وجود لفظة النفس في القرآن فان برنامج العلم والايمان وجدها فرصة لكيل السباب للراحل فرويد لعدم امكانية التوفيق او التلفيق بين النفس الاسلامية والنفس الفرويدية المحددة بصرامة علمية لمحركات ودوافع يخاف الاسلام والمسلمون من الغوص في اعماقها.فالاتفاقات والاختلافات كان يتم تدبيرها او نسجها في البرنامج ليس لتعليم شئ جديد يفتقده المسلم انما لاعادة تاسيس ايمانه إما بكراهية كل ما اتي به العلم ولا يتفق والقرآن او بتمرير النظريات من الدين وليس من صانعيها ومكتشفيها والتي تحمل تشابها ولو لفظيا وضبابيا مع العلوم.بهذا تحول البرنامج الي ما لا يتفق واسمه، ولعل الاسم "الايمان والجهل" كان يكفي لاشباع المشاهد. رغم ان المشاهد كان جائعا للعلم وليس للايمان. فهو يمتلك الاخير لكنه يفتقد العلم.
فما اثبته الراحل صاحب البرنامج الشهير هو اتخاذ العلم ولو كان زائفا وسيلة للايمان مجددا، وبكلمات أخري تم خداعه عبر دعوته لمشاهدة العلم ومعجزاته فوجد نفسه امام وجبة ايمانية كان يتجرعها منذ طفولته وزمن جهله وجهل المسلمين طوال التاريخ.أتت الدعاية باكلها، فمع نهاية عرض حلقات البرنامج وحتي زمن وقف بثها عبر الشاشة الصغيرة حتي ظهرت دعاوي رجل الشارع الاكثرها ضجيجا ونبرة في القول بان "القرآن به كل شئ". وعلي المستوي السياسي ظهر الشعار الشهير الاسلام هو الحل. منذ تلك اللحظة غمرت الاسواق كتب وكتيبات كلها تشرح العلم بناء علي الايمان فقط لا غير. فالمسكوت عنه فيها انه لا داعي للعلم طالما نحن نملك الايمان. لم نسمع قبل ذلك الزمن التعس من يمنع ابناؤه من الذهاب الي المدرسة فيكفيه حفظ القرآن في البيت حتي يتفوق به علي "اينشتين" و "بيل جيتس". ولم يكن هناك من يدعي بوقر المرأة في البيت، فحاجتها للمعرفة يكفلها لها القرآن وفقط. الم يمرر البرنامج تلك الرسالة؟
لم ينس صاحب البرنامج الشهير نصيبه من التملق والمداهنة السياسية. فهو لم يترك فرصة الا وتعرض للغرب وخاصة امريكا بما يجعل السلطة السياسية تدخلة في رحمتها.جمهور المشاهدين وقتها كانوا ممن استفادوا من القرارات الاشتراكية وزمن الاتحاد الاشتراكي وكانت السلطة السياسية تفاخر بهم وباغاني عن تماثيل "رخام علي الترعة واوبرا" رحمة الله عليك يا جاهين. فالجماهير التي حشدوها اشتراكيا هي ذاتها التي عبؤوها ايمانيا. سلطوا عليهم "محمد حسنين هيكل" في اكبر صحيفة قومية ومعه صبيان تعلموا قواعد العنصرية القومية في الورشة الناصرية للافكار القومية. ومعهم فصيل يساري تم تدجينه واضعافه علي طريقة المضاد الحيوي لمكافحة الامراض الليبرالية الفتاكة.
جاءت الهزيمة بنهاية صلاحية هؤلاء جميعا فسلطت عليهم ذات السلطة د. مصطفي محمود ببرنامجه فاتي ابناؤهم بعد تربيتهم زمن الانتصار والعبور والعلم والايمان لهدم وتكسير وغلق اقسام النحت في كلية الفنون الجميلة والفصل بين الجنسين في قاعات الدرس بالجامعة ووقف المحاضرة لاداء الصلاة، والبقية تاتي.مولت السعودية البرنامج المروج للايمان علي حساب العلم، فجاءت اجيال جديدة من المرتزقة والدعاة الجدد يبحثون في ركام صفائح قمامة دول الخليج عن دور لخدمة الاسلام. فما اكثر الجنود المجهولون المتطوعون والمتنطعون لخدمة ما لاحاجة الي خدمته. كان الإسلام ديناً لا موقع له الا في المسجد. وابت السلطة الا بنقله الي غرف النوم مرورا بكل حارة وشارع وحي وحديقة عامة.وكان العالم خارجيا في غني عن الاسلام فهو المكتشف لكل النظريات التي ادعي الدعاة انه موجود في القرآن. بل ان الله وكل رموز الاسلام متوفرة بغزارة في العقل الغربي وعلي ارفف الكتبات وفي كتبهم المقدسة. وكان الفارق انهم يعلمون علم اليقين ان العلم شئ والدين شئ آخر وان التناقض بينهما جوهريا والتضاد بينهما حتمي. فما اجهل اوروبا زمن حكم الكنيسة. لهذا تم الفصل بينهما ووضع كل في مكانه احتراما له وليس امتهانا للدين. اليست تلك هي مبادئ العلمانية؟
أما الاكلة من صفائح القمامة، فقد غم عليهم الشهر فصاموا عن رؤية ما يقتاتون به من صفائح عامرة تمتلأ بفضلات موائد لم يسمع بها انس او جان، فلم يعد لديم من شئ يقولوه الا الدين وإعادة قراءة القرآن مرات ومرات وغثاء الفتاوي فتلك هي اهداف برامج النور علي النور والعلم والايمان. اما اغرب نتائج التلفيق فكانت في كتاب ظهر حديثا بعنوان "الاعجاز العلمي في الكتاب المقدس". عندما تصفحته علي عجل، لم تسعفني ايه آية قرأنية او حديث نبوي، لكني تذكرت نظرية رد الفعل الشرطي ضد المثير الخارجي والتكييف الإيجابي مع المؤثر الذي اتت في نظريات بافلوف وسكينر وسبنسر وشرحها "سيجموند فرويد" الذي لم يكن يهوديا الا بالميلاد.

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

الكيت كات

تنطع المتنطعون عبر سياسة وفلسفة الاستنطاع العربية بشكل لا مثيل له فى قضية التطبيع، وإرتكب اهل المقاومة وحاملي يافطة النضال اكبر الجرائم في حق أوطانهم واهلهم وشعوبهم، ويتبجحون بانهم القادررون علي استعاده حقوق الامة التي في خيالهم. لم نجدهم يشيدون بشئ قدر اشادتهم بعدد الذين تخلصوا منهم من ابناء جلدتهم، لكن عدد قتلي الاعداء الذين هم لهم مقاومين فذلك من عالم الغيب. سيقصونه علينا فقط بعد ان يملأ الايمان قلوبنا.
المقاومون، يصفون انفسهم بالابطال، لا يقاومون احدا ممن وضعوهم في سلة الاعداء المعلنة. لكنهم يفخرون باوطان خالية من الخونة والعملاء. فمواصافات الاعداء لديهم هو من لا يقول آمين بعد خطبة الزعيم أو الشيخ ذو المهابة المتين.
لا يفاخرون الا بما مضي عليه اكثر من الف عام. ايه نصوص اخري هي من لغو الحديث. لو سالتهم لوجدت ابطالهم ممن خاضوا معارك القومية العربية بهزائم مدوية. ولو حاورتهم لكانت غاية آمالهم هي الشهاده شرط ان يكون الشهيد من خارج التنظيم والخلية، أو مكتب الارشاد. وطنيتهم لا تحتاج الي اثبات او برهان فيكفي ان تنطلق من حناجرهم الفاظ الخيانة والحاقها باعداء الامة حتي تصبح وطنيتهم حتما مقضيا.
التطبيع عندهم هو الشرك معاذ الله. وتطبيعهم مع الارهاب هو الايمان الذي ينير القلب والفؤاد. فالارهاب عندهم ليس عدوا لانه منصوص عليه في القرآن. لهذا يعدون للاعداء ما استطاعوا من قوة ومن رباط الحزام الناسف، يرهبون به الليبراليين عدو الله وعدوهم.
المقاومون طبعوا مع اسرائيل قبل ان تطلب منهم اسرائيل التطبيع. فقد حاصروها باحزمة حدودية لا تنسف احدا إلا من عبر. واتوا بقوات دولية زياده في التامين لتعزلهم حتي لا يكونوا من الخاسرين. وهذا هو النصر المبين. بهذا اصبح المقاومين في مأمن الي يوم الدين. يحرسون اسرائيل وليس عليهم من سبيل سوي الزعيق بانهم مرابطون الي يوم يبعثون.
نسي المقاومون ان يقولوا لمن يريد السلام "اللي مش مكفية البحر الابيض يشرب من الاحمر والاسود والبنفسجي والبمبي مسخسخ". فما اكثر الكومبارس في السينما المصرية الذين ياتون بما لم يات به الاوائل والابطال. نسي الكومبارس اللاعب لدور صبي المعلم صاحب محلات الفراشة في فيلم "الكيت كات" نسي الميكروفون مفتوحا بعد نهاية مأتم العزاء.
يحرص من يؤدي واجب العزاء علي الجهامة والحزن حتي نهاية التلاوة وانفضاض الماتم، تماما مثلما يحرص المقاومون حتي نهاية المؤتمر والاجتماع. الميكروفون المنسي فشي بما في القلوب ومن نوايا المعزين. هكذا ايضا واقع المقاومين. نسي المقاومون ميكروفون النضال مفتوحا بعد ان انفض مولد النضال باقتطاع ما افاؤه الله عليهم في غزة وجنوب لبنان. في "الكيت كات" خرجت فضائح الحشيش والافيون وحكايات النسوان باعلي صوت من الميكروفون ذاته الذي كان يتلو آيات الذكر الحكيم. كان هناك ميت وماتم وعزاء. لكن كيف تخرج فضائح المقاومين بنفس الاسلوب ومازال الميت حيا فيما يسمي بالقضية الفلسطينية؟ بعد مأتم "الكيت كات" تداول المعزين احلي الكلام فكفاهم حزنا علي الفقيد ، لكن ما أتي وسياتي من المقاومين هو احسن القصص بما اوحي اليك هذا الميكروفون

الأحد، 8 نوفمبر 2009

الجنس والمرأة وهوس المتخلفين

ارتبط الجنس حديثا بمفهومي البيع والشراء، باعتباره سلعة قابلة للتداول. قيمتها المنفعية عالية الثمن وربما هي السلعة الوحيدة التي تتطابق قيمتها التبادلية وقيمتها المنفعية. لكنها تمتاز بانها ليست منفصلة عن حاملها شأنها شأن الفكر يمكن عرضها علي ارفف منافذ البيع، بعكس باقي السلع التي يغترب صاحبها بعد انتاجها وتسليمها. لهذا فالحصول عليها عنوة اصبح يسمي اغتصابا. بينما تماهت واختفت قيمة الاغتصاب في باقي مجالات الانتاج.
في بديات الحياه، إجتماعيا، لم تكن القيمة سلعة، بل كان التبادل بدون تسليع هو العرف والتقاليد. لهذا ففي الكتب السماوية جميعا في الزمن القديم كان الجنس مستخدما دون حرج لانه يقدم بتبادليته ما يجعل التوتر الجسدي في حده الادني. فالنساء في المجتمعات البدائية مشاع ورجالها ايضا حتي بدات ظهور الزواج الخارجي او الداخلي حسب انماط وعلاقات القبائل ومفاهيمها القرابية.
ولنقفز مباشرة الي وضعنا الحالي حيث اصبح انتاج السلع وتثمينها وبالتالي خلق القيمة النفعية مقابل القيمة الانتاجية اساس التعامل. ولان النظام الراسمالي وحسب قانون تعظيم الربح يعجز عن الوفاء بتشغيل كل طاقة العمل في السوق (رغم انها سلعة حسب المفهوم الراسمالي) بكونها قابلة للتداول وللاستغلال الا ان هناك فائضا لا يملكه احد من طاقات العمل المعطلة سوي الغير قادرين علي استغلاله. هنا ظهر مبدا تسليع الجنس لدي الاناث كبديل عن بيع طاقتها العضلية او الفكرية او الذهنية في سوق العمل الطبيعي. ولان هناك مستهلكين من جميع الطبقات بلا ادني تفرقة فان سوق الجنس بات مزدهرا في جميع مجتمعات البشر دون استثناء حيثما وجد البشر وحيثما ظهر نظام التسليع والتعاقد بثمن وسعر متفق عليه ونظام الفائض ونظام العوائد الغير عادلة والاستغلال غير المتكافئ.
اما في عالم العرب فالامور اكثر فداحة. فثقافة العرب لم ترسخ قيمة التعاقد ولو كان ظالما، وكان البديل هو إملاءات نظام الجزية والخراج. ولنعد الي تاريخ العرب والاسلام الذي لم يات ذكر تقسيم العمل فيهما من اي نوع. لكنه يعج بانتفاضات ضد الظلم تملا تاريخه. كلها بسبب العجز عن فهم علاقات العمل والانتاج رغم ان الظالم والمظلوم كلاهما يردد كلام الله واحاديث رسوله. ظل هذا الوعي الزائف قائما في البناء الفوقي للمجتمع، أما بناؤه التحتي فكان عبوديا تستحل فيه كل القيم دون اعتبار لاي قيمة انسانية وبالتالي اي قيمة خلقية تلقي بوعي جديد يكتشف فيه الفرد قيمته وقيم عمله و انتاجه.
وظلت المراة في هذه المنظومة العرب / اسلامية ضحية مزدوجه. فهي من جهة قوة عمل يمكن استغلالها مثلما يستغل الرجال وايضا حاملة للمتعة التي ما اسهل تحويلها لسلعة. لكنها وفي ذات الوقت محلا للشرف العربي الذي يراق علي جوانبه الدم. فكان الحل للتوفيق بين وضعيتيها حتي تنخرط في سوق الاستغلال الديني المجاني هو اعتماد نظام الجواري الذي احله الاسلام ولم يجرمه. هكذا وجد الجميع ماربهم في نصوص الدين الحنيف. ضعف وضع المراة في ثقافة العرب والاسلام ادي لان تحتل ادني درجة في السلم الاجتماعي والطبقي والقيمي ايضا حتي ولو اريق الدم علي شرفها او قبض الثمن من جراء مضاجعتها.
لهذا فان مفاهيم الدعارة المجانية (الجواري والاماء) كانت حكرا علي الملاك واصحاب العمل ومن يمكن تسميتهم برجال الاعمال في عصرنا الحالي. و علي الجانب الآخر تجري قيمة المتعة الجنسية في السوق بيعا وشراءا عندما لا تجد المالكة للمتعة من سيد يحوزها لصالحه حصرا. هنا انتقلت معها مفهوم التسليع مهرا ونفقة ومتعة الي الزواج ولم يجد الرجل غضاضة فهو المشتري وصاحب راس المال لاي سلعة يمكن تواجدها في السوق. فكلها تترجم باموال. فالزواج علي طريقة العرب والمسلمين هي أقرب لتسويات نظام بيع المتعة. و يبقي السؤال الاهم والنابع من وعي مفقود بقيمتها كانسان مقرونا بوضع ديني ايماني بانها عورة و يمكن ان تكون جارية طبقا لنصوص الدين دون اي الاحساس بالعار، كيف ادي فقدان الاحساس الكامن بانسانيتها عبر النصوص التي تستحلها يؤدي الي ان تتحول الي صاحبة راس مال جسدي يمكن استغلاله في سوق بيع المتعة و الي تحولها لبيت دعارة متحرك طالما وجد القادرين علي الشراء حتي ولو كان المسمي زواجا علي سنة الله ورسوله. اليس كلا الفعلين يتما عبر صكوك مالية وعقود ممهورة وشهود لتبرير الشرعية؟!
لم يظهر الوعي بالانحراف بإذلال المرأة وتاكيد القيمة الذكورية الا في المجتمعات التي عرفت ووعت معني تقسيم العمل واكتشافة كسلعة قابلة للتداول. بينما ظل الاحتقار للنساء وتاكيد دونيتها وعدم صلاحيتها في كثير من مطالب الحياه سوي الجانب الانجابي او الوظيفي الجسدي في مجتمعات النصوص الدينية الحاكمة.
فالمجتمع الشرقي العرب / اسلامي تعرض طوال تاريخه الي ثورات وانتفاضات وحروب كلها بسبب الاستغلال لكنها ممهورة بانها دينية غايتها تحقيق ما جاء في رسالة الاسلام الخالدة. فحتي تعاليم الخوارج الاشد راديكالية فكانت احتجاجا علي مظالم الحكام – الذكور اي المستهلكين للجنس بجانب باقي السلع -. وتفاني الخوارج في سبيل مبادئ تعتبر ديموقراطية مقارنة بما كان سائدا وقتها. فبرنامجهم السياسي ينص علي ان السيادة للجماعة الاسلامية والجماهير هي التي تمنح الخليفة سلطته العليا. فإذا عجز الخليفة عن القيام بمهام الخليفة جازعزله بل قتله لو اضطروا الي ذلك. وكانوا يروا بعدم شرط كونه قرشيا بل يكفي كونه عربيا شرط ان يكون مسلما. !!!! ومع ذلك لم تنجح جميع حركات التمرد منذ الخوارج في الانتقال الي وضعية جديدة يحق فيها للرجل وللمراة الدفاع عن حقه الانساني بكونه ليس سلعة للبيع والشراء بالجنس او بالعمل، لان غاية كل الحركات كانت تعلن دائما ان الهدف العودة الي صحيح الدين تحت إمرة حاكم مسلم.

الشيخ الشعراوي

من ذا الذي لا يعرف الشيخ الفضيل. فنادرا ما يخلو منه تليفزيون شرق أوسطي. يعرفه الأطفال ومن بلغ الحلم. لكن عشقه يأتي من الكبار. مولوه برصيد هائل من الولاء والحب بعد فراغ الساحة من شخص مثل عبد الناصر.في بساطة الريف وأريحيته تأتى لغته. ومن سطوة المنبر والجامع يستمد هيبته. ومن قدسية النص الشارح له يسحب البساط من تحت مؤخرة سامعيه وهم جلوس. يجلس متربعا وكأنه في يوم الحساب لجموع بشرية شاخصة إليه من تحت قدميه. لا يجرؤ أحد علي نبت شفه قناعة منهم بأنهم مريدين وهو العليم. تبدو مهارته التي لا يباري فيها، ليس في قدرته علي توصيل نص مفحم شفاهه، لكن باستخدام لغة الجسد الإشارية التي تسبق تطوريا نطق اللسان عند بني آدم. فقسمات الوجه وحركات اليدين وتلوي الجسد ونبرة الصوت كلها أسلحة لا راد لقضائها إذا ما كان السامعين من جميع الطبقات في مصر الثورة. ما اسهل اختراقهم والنفاذ خلالهم ببساطة بعد عشوائية وارتباك الحراك الاجتماعي والسياسي في الحياة المصرية لخمسين عاما. في شرحه يزاوج المقدس بالشعبي والفصحي بالعامية يهزم الباطل بكلمــات يتطهر معها السامعين في مغسل الجمعة من كل أسبوع. هو واحد منهم لكنه متعال عليهم. ما يقوله هو نفس ما يجول بخاطرهم قياما وقعودا وعلي جنوبهم. فياله من توكيد لذواتهم العليلة وتصديقا لمكنون فكرهم. يأتيهم من فوق منبر ويتحدث نيابة عمن هو في علين. هكذا تسقط الحواجز الداخلية عندهم لتخفي شبهة شك فيما هم به مؤمنون. ويخرج المريدون في رضا مبددين شكوكا. ولكنهم يعيدون الكرة كل أسبوع لاسباب لا تخفي علي لبيب. فما كان مبهما في أذهانهم أصبح راسخا وما كانوا فيه من شك تحول إلى إيمان ويقين دون أي إضافة من الشيخ الجليل. ويتكرر العرض من كل أسبوع بتكرار قهري ووسواس. هكذا يصبح خطاب الآخرين اسفل المنبر وخارج الجامع وفي المدارس والجامعات من لغو الحديث. يجهد العقول ولا يرضي السامعين من كفر بواح وجهل المدعين. عند قدمي الشيخ الجليل يجلس العوام بعد تعليم مجاني وتأميم وبعد العمل عند الرأسمالي الكبير الدولة ذاتها. إنها الكتلة الوسطي انتقلت من ريف إلى حضر حاملة معا قيم الزراعة القديمة التقليدية إلى حضر ومدن سريعة يحكمها تقسيم عمل لا تباطأ فيه. ازدحمت بهم المدن بالإنجاب الريفي الذي لا يعرف الحدود. هكذا ضاق الرزق فارتدوا إلى عمال تراحيل موسميين في بلاد النفط بعد فقدانهم مهارة الزراعة في موطنهم الأصلي وعجزهم عن اكتساب قدرات الصناعة. رغم حملهم شهادات موثقة بأنهم متعلمين.شدد الشيخ وحذر وهدد دوما وأنذر علي ألا ينصت المريدين لأي معرفة خارج ما يلقيه علي أسماعهم. فهو من العلماء إن لم يكن كبيرهم. وباعتراف النص يخشون ويخشي منهم. إنها النخبة في عليائها، تعكسها وتصنعها حاجة المريدين الملحة بسبب فقرهم العقلي بعد أن خبت الثورة التي صاغت وضعهم المتدني وصاغت أيضا مقام النخبة.يلجأ الحواة إلى حيل تبدوا كمعجزات يهيم بها المشدوهين من المتفرجين أملا في أن تكون حقيقة قابلة للتحقق يوما فربما تحل مشاكل وتنفك عقد دون أثمان تذكر. ووجد الشيخ ضالته عندما تحققت المعجزة وبشهادة الجالسين في حضرته وقت أن تحول بدو الصحراء، وهم دون الريف، إلى ما بعد الحداثة برائحة النفط وأرصدة البنوك ذات البأس. فهم لم يشقوا ترعة ولم يفلحوا حقلا ولم يتسطحوا قطارا ولم يعملوا في مصنع ولم يتظاهروا في نقابة ولم ينسحبوا اكثر مرة من سيناء. لم يسددوا فاتورة واحدة وحصلوا علي كل شئ. إنها معجزة المعجزات. فيالها من عصا مغشوشة تلك التي كانت بيمين موسى.لقد اشتروا واجروا جيوشا تحارب عنهم ولهم، في طاعة وادب. لتأديب المرتدين في الحواضر العربية بعد أن أصابهم فساد الريف وفسق المدن. وتأديبا لهم علي اللعب بالقومية والعبث والكلام بأيديولوجيات غير موحى بها. هنا وجدت رثاثة المدن ضالتها في شيخ يفسر كل شئ دون تناقض واحد. لقد أعطاهم ما يسوغ به وجودهم ومعرفتهم ويردد أيضا صدق ما أتت به الصحراء يوما معطيا أصحابها شهادة منشأ جديدة بعد انتهاء الصلاحية وإحساس مرير بمهانة الإملاق والعوز. أنه الريفي الغريب يشهد للصحراء بالتفوق علي قومه. هكذا تولد عقد النقص والإحساس بالدونية. إنها نفس الأهداف التي جاءت بذات الشيخ بترشيح نخب ثورة وطنه. إنها المعادلة التلفيقية العامة لقوانين الاستبداد السياسي بتلفيق العلم والإيمان، الثورة والخضوع، النضال والطاعة، المعرفة والجهل. معادلة تشوه الجميع ومحصلتها صفرا.هكذا قدم الشيخ، الكاريزمي الشخصية، وصفته السحرية لرديف الريف وحثالة المدن. وكافأته السلطة السياسية لوصله ما انقطع تأثيرة بعد أن خسرت كثيرا من أوراقها في مسلسل هزائم طويل أمام ربيبه الاستعمار وليس الاستعمار ذاته. فقام الشيخ بدور ورقة التوت الغالية بالقرآن بعد أن سقط الميثاق، وبتفسير القديم بعد ان عجز الجديد. وبالترتيل بعد ان فشلت الخطب والحنجريات العربية. إنها نفس أدوار الترغيب والترهيب ، العصا والجزره ، الميثاق والقرآن.