الجمعة، 9 أكتوبر 2009

عن زيدان ومفهوم الجزية

كتب يوسف زيدان الحاصل علي شهادة الدكتوراه مقالا في جريدة المصري اليوم بموقعهاhttp://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=226739&IssueID=1537
د. يوسف زيدان يكتب: أسرار الخلاف وأهوال الاختلاف تحصيلُ الفلوسِ بالجزية أو بالمكوسِ
كتب مقالا لا يجوز ان يخرج من باحث واكاديمي وروائي مثله. المقال ذكرني بما يمكن ملاحظته إذا ما وقف شخص امام صالون حلاقة او كوافير نسائي. تدخل اليه صاحبات الشعر العث والجمال المتواضع لتخرج بعدها مقبولة علي مضض شرط عدم المساس بكل ما وضع عليها من مساحيق واصباغ. فلا ياتي صباح اليوم التالي حتي تعود الامور الي ما كانت عليه. فما بالنا وهناك 1400 عام منذ اول اصباغ بدائية وضعها السلف الصالح منهم والطالح.أزعجت فكرة الجزية وتكرارها علي الانترنت د. زيدان فقرر فتح صالون خاص به بهدف حلاقتها من تراث العرب والاسلام. ظنا منه بانها محاولة للحصول علي شهادة اخري بجانب شهاداته الاكاديمية ليدخل بها اتحاد الحلاقين العرب.بدأ مقالة، اقصد تصفيفه راس الضحية، باستخدام اقوي انواع المطهرات والمزيلات لامراض اللغة العربية ومعاني الفاظها فافتي بان ما يذكر مؤخرا هو فهم جديد للجزيه. فكم من الحلاقين بعد ان تعييهم الحيل في تصفيف انواع من الشعر الردئ يلجأ الي وضع باروكه او شعر صناعي وفي اسوا الاحوال يقوم بحلاقة علي الزيرو لرأس الضحية أو استبدال الراس بالكامل. وهذا بالضبط ما جري فقال :" الجزية.. الخراج.. المكوس.. الضرائب.. الرسوم! هذه كلها مفردات لا شأن لها فى الأصل بالدين، إسلاماً كان أو غير إسلام ". !!!!بهذا أشاح الاكاديمي بوجهه عن اصل حكم الجزية واستخدم المقص ليلغي آيه كريمة ضمن آيات الذكر الحكيم وهي الآيه 29 من سورة التوبه. ولعله معذور في الاستخدام السيئ للمقص ، فهو حاصل علي الدكتوراه ولم يقبل بعد في عضوية اتحاد الحلاقين، مدعيا انها ارتبطت زورا بالفتح الاسلامي بمصر. وهنا نذكر الدكتور بما جاء في امهات الكتب "فتوح مصر واخبارها" لابن عبد الحكم بتقديم محمد صبيح للكتاب وطباعة مؤسسة دار التعاون حيث كتب صـ 47 أن ابن العاص دخل علي ابن الخطاب فخلا به وقال " يا امير المؤمنين إئذن لي ان اسير الي مصر فان فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهي اكثر الارض اموالا واعجزها عن القتال والحرب "هكذا كانت الصورة في ذهن ابن العاص اموالا وعجزا وعونا له. وفي صـ 66 جاء ان ما جمعه ابن العاص من جزية بلغ ثمانية الف الف دينار. اي ثمانية ملايين دينار بمعدل دينارين عن البالغ وليس علي الشيخ او الطفل او المرأة من شئ. وتلك كانت من عادات الجاهلية العربية التي اضافها الاسلام الي قواعده. راجع جواد علي العرب قبل الاسلام. وهو ما يعني ان تعداد مصر وقتها كان حوالي 16مليون نسمة لان البالغين من الذكور الشباب كان فقط اربعة ملايين لو اضفنا مثلهم من النساء البالغات والاطفال والشيوخ. وفي صـ 65 ان ابن العاص لما فتح مصر قال لاهلها " من كتمني كنزا عنده ثم قدرت عليه قتلته". تصفحنا كل المخطوط فلم نجد ولو لمرة واحده جلسة لابن العاص مع المصريين يعظهم ويحكي عليهم فضائل الاسلام لكننا نجد النية المبيته لحيازة الاموال والتهديد بالقتل لو اخفي احد امواله عنه.لكن الاخطر هو في الرسائل المتبادلة بين عمر ابن الخطاب و عمرو ابن العاص. فالاول كتب اليه يقول " بلغني انك فشت لك فاشية من خيل وابل فاكتب لي من اين لك ذلك المال ... ". فكونهم مبشرون بالجنة ربما شجعهم علي استحلال اموال الناس، مثلما سياتي الحديث عن موقف عثمان. بل ان المساجد لم تنجو من تلك الافة فمواد بناء المسجد كان اما من احجار الاهرامات بعد خلعها وهدم الاهرام الصغيرة السهلة علي المخربين للحضارة وكذلك الاعمده التي اخذت من المعابد والكنائس بعد هدمها.لم يسأل امير المؤمنين ابن الخطاب، المتهم بالعدل، عن حال الدعوة الي الاسلام وكم عدد الذين دخلوا الدين الجديد انما كان يسال عن الثروة وكيف حجبت عنه. ولم يصدق امير المؤمنين رد عمرو بن العاص الذي نفي اختلاس جزء لصالحة من الاختلاس العام للتصدير خارج مصر. فارسل اليه محمد ابن مسلمة ليقاسمه المنهوب الخاص من المنهوب العام. هكذا كتب المقريزي فيقول ان حكام مصر منذ ابن العاص وحتي عصرالمقريزي في القرن الخامس عشر كانوا يحوزون ثروات طائلة لا حصر لها. بعد ابن العاص جاء ابن ابي سرح قريب عثمان ابن عفان عملا بان الاقرباء اولي بالمعروف وبالتالي بالاقتراب من مصادر الثروة لجعلها في خدمة الجماعة الوظيفية بفرعيها في الامصار وفي دار الخلافة. فلما درت اللقاح باكثر ما كان يدرها ابن العاص انبسطت اسارير ابن عفان وكتب لابن العاص ان اللقاح قد درت من بعدك يا عمرو. ومعناه ان الخير الوافد عليه قد زاد من بعد عزلك ، فرد عليه ابن العاص بان فصالها ستهلك. بمعني أن قريب عثمان ابن عفان لم يترك شيئا للابناء حتي يعاد الانتاج في الاعوام التالية. اي ان النهب لم يبقي شيئا لصالح ابناء مصر.لم يكن الوضوح والشفافية بين من رضي الله عنهم من الصحابة والموعودون بالجنة بهذا القدر من الشفافية بقدر ما كان الامر متعلقا بالاموال والثروة والسبي والغنائم والجزية. لهذا تذكر كتب التاريخ قول الخليفة معنفا الوالي علي ارض مصر بانهم خزنه له. لم يقل انهم دعاه لهم بل خزنة لهم!!!!!!تناسي صاحب صالون الحلاقة ان الجزية كانت موجوده في الجاهلية العربية وورثها الاسلام ونقلها السلف صالحا كان او طالحا الي كل بلد تم غزوه عسكريا. ولم يتحرك له ضمير او حس اكاديمي او ديني او حتي ثقافي فحاول نزع الادانة للفظ لانه وحسب وقوله : " من الجهة المقابلة (الإسلامية) لا يتضمن أى إدانة..". فقطعل الجزية والذمية ليست إدانه لمن يتعيش عليها ومنها. ولا يمكنه ادانتها الا إذا ادان اخلاقة وعاداته واعرافه وخلقه. هكذا حاول الدكتور وعلي وجه السرعة اعادة زرع الشعر بعد ان تم قصه في ذات الفقرة وإغراقة بكل انواع الجيل والدهانات. الم اقل انه اكاديمي مصري من زمن تردي جامعات مصر بامتياز لكنه لم يحصل بعد علي عضوية اتحاد الحلاقين. فلم يتمكن من زرع الشعر بعد قصه واعادته الي سابق وضعه لضعف خبرته في مهنته الجديدة.بعد فشله في اول ضربات المقص والموسي في راس الضحية هرب مباشرة الي مساحيق الوجه انتظارا حتي تندمل الجراح التي سببها في الرأس. وحتي تقبل الضحية العمل في الوجه بعد الفشل في الدماغ عرض لها صورتها في لوح زجاجي مدعيا بانه مرآة من نوع فاخر ملصق بها صورة لعارضة الازياء الالمانية "كلوديا شيفر". فصدقت الضحية الخدعة وتركته يمارس اكاديميته في الحلاقة والتزيين. فجاء بالفاظ الجاهلية العربية وسلوكها الذي مارسه العرب اسلاميا واعاد لها الاعتبار في زمن الاسلام مصدقا نفسه بان المرآة من نوع فاخر وغير مغشوشة. لم يدرك د. زيدان انه يستخدم الاسلام (حاشا لله) لتمرير ابشع انواع الجريمة باعتبارها شهامة وبطوله. فلو انه عرف تاريخ المنطقة لادرك انه هو ذاته كان ضحية هذا السلوك فهو من وطن يعرف الاستقرار والامان ولا يعرف نهب الاخرين لان نمط الانتاج والعمل بالارض ينفي العدوانية ونهب الاخرين. وحتي يمرر ويبيع اردأ انواع المساحيق فقد اقام معملا خاصا لضخ معاني متضاربة علي الفاظ متشابهه والعكس بالعكس حسب ما يقول به فقه لغة الضاد. لكنه كدارس للفلسفة كان من المفترض ان يكون للفظ ودلالته معاني محدده لا تقبل التاويل أو التوهيم او الغش والا فما الفرق بين المنطق والخرافة. فالفتح هو غزو والغزو هو فتح كلاهما عمل عسكري بهدف استعمار البلاد ونهبها والاستيلاء علي السلطة وحكم اهلها. لهذا يتم فرض الجزية اي اخذ ثمن الابقاء علي حياه المواطنين كإتاوة او كثمن للابقاء علي دين المغلوبين. وهو لا معني له الا بان المؤمن الاتي بقوة السلاح اصبح بلطجيا، يتعيش علي أموال الاخرين بابقائهم كفارا. بل من الافضل طبقا لهذه القاعدة الجاهلية الا يدخل احد في الاسلام ولا داعي لدعوة الناس اليه لضمان استمرارية الدخل (الجزية). هنا يصبح اهل دين عالة علي اهل دين آخر.اما محاولة تمييع لفظ اهل ذمة التي صكت عربيا واسلاميا فإنها موجوده ولها تاريخ طويل قبل الاسلام. فالاسلام بزغ في بيئة عربية تعرف الغزو والنهب بين القبائل كوسيلة ونمط حياه. فكثير منهم كان يلجا لمن يمكنه توفير الحماية شرط دفع ما يلزم لهذه الخدمة. فاصبح الضعيف في ذمة القوي. يدافع بعضهم عن بعض لقاء ثمن متفق عليه أو يحارب نيابه عنه كالمرتزقة. فليس صحيحا ان الذمة هي الامان إنما الذمة هي عقد إذعان مدفوع الثمن من طرف لطرف آخر مقابل الحماية. فهو مجتمع ياكل فيه القوي الضعيف، ولا امان الا بشراءه بالاموال ممن يمكنه الحماية لقوته. وفي احيان اخري يتم الابتزاز بالتبرع بتوفير الحماية لقاء دفع اتاوة سنوية. وفارق كبير ان يكون هناك مجتمع يعيش فيه الجميع بامان وتحمي في الثروات والاملاك بالقانون وسلطة الدولة وبين مجتمع الكل فيه عرضة للنهب فيتم شراء الامن تحت مسمي ذمه. لهذا فان الذمي له وضعية دونية مزدوجة مقابل الطرف المعتدي والطرف الذي يحصل الجزية للدفاع عنه. فهو مشروع ضحية للاول وضحية حقيقية للثاني. الوضع الدوني والذليل هذا لم يقدر مؤرخي وفقهاء الاسلام انكاره ففي تفسير الطبري يقول الرجل مفسرا الاية (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَنْ يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ) قَالَ : أَيْ تَأْخُذهَا وَأَنْتَ جَالِس وَهُوَ قَائِم . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَنْ يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ } عَنْ أَنْفُسهمْ بِأَيْدِيهِمْ يَمْشُونَ بِهَا وَهُمْ كَارِهُونَ ، وَذَلِكَ قَوْل رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ وَجْه فِيهِ نَظَر . وَقَالَ آخَرُونَ : إِعْطَاؤُهُمْ إِيَّاهَا هُوَ الصَّغَار.أما ابن كثير فقال: وَهُمْ صَاغِرُونَ " أَيْ ذَلِيلُونَ حَقِيرُونَ مُهَانُونَ فَلِهَذَا لَا يَجُوز إِعْزَاز أَهْل الذِّمَّة وَلَا رَفْعهمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ هُمْ أَذِلَّاء صَغَرَة أَشْقِيَاء كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَبْدَءُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِالسَّلامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدهمْ فِي طَرِيق فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقه. انتهت اقول كتبة السير والاخبار.ونحن بدورنا لن نحكم او نصدر احكاما فذلك تاريخ ونحن ابناء زمن آخر وتاريخ مختلف، بيننا وبينهم تراكمات حضارية لاكثر من الف عام. ونعيش، كما كنا نعيش في ذات الوطن الذي لا يعرف الغزو والسلب او الجزية قبل ورود الاسلام. ولا معني للدفاع عن اي وافد الا بقدر ما يتفق وحضارتنا وليس ترديد ما قالوه هم عن انفسهم ولو كان من خارج اي نسق حضاري معروف ومقبول اخلاقيا.فكيف يجرؤ السيد زيدان علي القول بانها، أي الذمة ليست أمرا مذموما، ربما انه لا يري الانتقاص في وضعية دافعيها والاستعلاء من جهه محصليها. او ربما هو من سليل من حصلوا الجزية ويخجل من قوله ذلك فبات يدافع ضمنيا عن وضعيته. فالجزية لفظا ومعني لها وضعها التاريخي قبل الاسلام ولم ينتقص او يضيف اليها الاسلام شيئا. فما تعارف الناس عليه هناك هو ذاته ما تعارفوا عليه بعد الاسلام. اليس القرآن هو النص الوحيد الذي فهمه الجاهليين العرب لفظا ومعني ودلالة. كتبها عميد الادب العربي شارحا كيف أن أهل الجاهلية ادركوا وفهموا نصوص القرآن. فهو النص الموثق الوحيد عن الجاهلية العربية وليس الشعر الجاهلي كما ادعي العرب. فالقرآن جاء ليخاطب الجاهليين حيث لم يكن هناك سواهم في جزيرة العرب. لهذا فان الاستشهاد بالمتنبي أو اي فحل شعري جاء بعد الاسلام لا يعتد به اللهم الا إذا كان ناقدا وليس مؤيدا بعكس ما فعل المتنبي الذي استشهد به السيد زيدان.من خصائص اللغة العربية ظاهرة القلب اي ان يحمل اللفظ معنيين متضادين او ان تقلب حروف الكلمة ويبقي المعني ثابتا وملاصقا للفظين معا. وكمثال كلمة "مولي" فهي تعني العبد والسيد في وقت واحد، فالله هو نعم المولي ونعم النصير. والمولي هي ايضا العبد. لهذا فقد استخدمت ذات اللفظ "ذمة" بالمعني الذي يتناسب وكل بيئة وكل مجتمع. الذمة عند العرب اتت بكل ما سبق شرحه من وضع دوني يوجب دفع الاتاوة. لكن المصريين الذين لا يعرفون هذا النوع من التربح لان العمل والانتاج يعفيهم خلقيا من هذه الدلالة فانهم استخدموا المقلوب الدلالي لها بمعني "ضمير" او اعلي ما في الانسان من ذات. هنا وقع الاكاديمي في خطا لانه لم يدرك انه اثناء كتابته المقال أنه في صالون الحلاقة وليس في مكتبة البحث. فاستحلاف فرد لفرد عندنا ياتي بالسؤال "بذمتك" اي "بضميرك"؟ وهناك معني آخر وهو الاستحلاف بالعهد مع احد البلطجية الذي هو عهد الامان، اغلي ما يحرص عليه الضحية حفاظا علي حياته. انها ارض فجر الضمير وليس فجر الاتاوة. لكن ما العمل وهناك من لغي اسمها وقال بانها عربية وقاد بها الامة المهزومة فازدادت هزيمة وتحلل وانحطاط.الذمة إذن امر وضيع لان من يعطيها لا بد وان يكون صاغرا ومكرها عليها وذليلون حسب قول ابن كثير والطبري فيما سبق. اليس كذلك يا أوسطي زيدان؟ وهنا ناتي لامور ذكرناها سابقا في مقالات كثيرة وطالب بها كثيرون بتنقية التراث من كل تناقضاته. فكيف يمكن الجمع بين شرط الوضعية "صاغرون" ثم التوصية كما جاء بالقبط اي بالمصريين في الحديث ؟فالذمة بمعني الضمير إذا ما أخذ بها د. زيدان تلزمه بحل الاشكالية. اليس كذلك؟ وكان يمكنه القول بان الذمة التي هي مذمومة (هذا اشتقاق منها لان العربية لغة اشتقاقية بمعني ان الذمي مذموم من الفعل "ذم" علي وزن ضرب مضروب وكتب مكتوب. انها المصدر الميم ايها الاكاديمي المخضرم) هي من ضمن مخلفات الحكم بالدين وباعراف العصور الوسطي وما قبلها ولا يمكن قبولها في عصرنا الحالي وان ذكرها علي لسان مرشد الاخوان هي سبة في جبينه يحاسب عليها حتي ولو كانت في جبهته زبيبه بحجم البطيخ او لحيته بطول نصف متر. وكان من نتيجة الاستعراب (من العروبة) والتاسلم (من اسلمة) لقرون طويلة بالحكم بالدين عبر كل من يستولي علي السلطة من اجل تحصيل الجزية فاننا بتنا جميعا مسلمين ومسيحين اهل ذمة للعثمانيين والمماليك والايوبيين والفاطميين وكل افاق زنيم جاء تحت مسمي الفتح. وما زال السؤال القديم قائما حيث لم يتقدم احد للاجابة عليه لماذا اتي السلطان سليم الاول (غضب الله عليه) ليغزو مصر وتاتي الادبيات الاسلامية لتقول بالفتح العثماني؟ اليس من الاجدر مطالبة رجب طيب اردوغان الوارث لاسلام سليم الاول بتعويضات عن دماء المصريين مسلمين ومسيحين؟بعد اختفاء العرب من التاريخ منذ خرجوا منه بفعل الخليفة العباسي المعتصم الذي اسقطهم من ديوان الاعطيات (219 هـ) ثم في زمن الايوبيين في مصر عندما قضي عليهم صلاح الدين الايوبي بالسلاح ليحل مماليكه محلهم اصبح المصريون جميعا (مسلمون ومسيحيين) يدفعون جزية وهم اصحاب ارض. فالعرب اورثوها للمماليك الغرباء. فالوطن واهله اصبحوا مذمومين في عقل كل من لم يتورع من الغزاة وكل من استولي علي الخلافة بقوة السلاح من استباحته علي التوالي لان اهل الذمة اذلاء وصاغرون. لم تتحمل النفوس خارج الوطن فكرة الذمة بمعني الضمير لكنهم تبنوا فكرة الذمية بمعني التحقير والاهانة لانهم لم يروا منه الا بما يحصلوه منهم من اتاوة – جزية. ولتراجع اقوال عمرو ابن العاص عن مصر وانت العارف باصول الكتب وامهاتها ولا تخلط بينها وبين اصول الحلاقة وتجميلها. فبعد تصفيات العرب لبعضهم البعض فان المصريين شانهم شان الشعوب المستقرة منذ فجر التاريخ تمسكوا بالارض حتي ولو تم دفع الثمن تحت ظروف غير انسانية ابقاءا لتماسكها ووحدتها ووحدتهم عليها. فالثروة واساس تراكمها من اهم اسباب النهضة. لكن التخلف والجهل والفقر وهبوط تعداد السكان الي حده الادني هو ما جري علي المصريين بفضل النهب المستمر باسم الجزية، حتي قضي محمد علي نظام المماليك فاستقرت الامور وبدا الانتعاش بالحفاظ علي الثروة داخل الوطن بدلا من النزح اولا باول باسم المقدس. كان ياكلها الغرباء ممن لا يشاركون في صنعها ويحرم منها من قام بانتاجها. يستبيحها بلطجية التاريخ ويشجعون المزيد من البلطجية من اجل إعادة الفتح. فهل يجوز الدفاع عن تلك الاساليب وتبريرها تاريخيا الا بكونها من مخلفات العصور البربرية.لكن ومع سقوط نظام الجزية حديثا فقد ظل مفهوم التقسيم الديني للمصريين، وبكل اسف، قائما والحقت به كل مفاسد التاريخ الاسلامي وكل المهانة بالاقباط. بل وهناك من يخدع نفسه ويدعي انه من الاشراف او من المستوطنين العرب ليعطي لنفسه حقوقا علي اهل البلاد باكثر منهم ومتعاليا عنهم مثلما فعل مصطفي مشهور المرشد العام السابق للارهابيين. غير واع بانه هو ذاته كان ضحية للجزية. ولان تعليمه ديني اكثر منه تنويرا وعلما فقد آثر البلطجة وتحقير المصريين بالاهانة لان الذمة عنده ليست من مشتقات الضمير، فأن كل شئ في ذمته وزمة من جاء بعده لا يستحق سوي لفظ "طظ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق