آلت مجموعة الدول الاسلامية، فيما يفضل البعض تسميتها بالامة، آلت اليوم الي أحوال عامة من التدنيٍ والانهيار في كثير إن لم يكن كل مجالات الحياة فيها. فالافكار السائده إما علي لسان نخبها أم جماهيرها تقترب من الخرافة منها الي العقل والمنطق. فكثير من تلك الاقوال تكون محلاة بايات قرآنية او باحاديث نبوية حتي يمكن تمريرها الي عقل المتلقي. أما علي صعيد ما يجري من ممارسات عملية وفعلية فلم تتحلّ باي سلوك قويم . فالقضاء الذي هو قمة البناء الاجتماعي فإن به مفاسد تشوهات حقوقية إعترف بها اصحابها. فالمقاييس التي يحتكم اليها الجميع اصبحت من خارج الواقع فكل صوت يجأر من الفساد ويرتفع مطالبا بالاصلاح يقابل بمقولة شديدة البلاهة بان الفساد في كل مكان وليس حصر علينا. وهي حجة تؤدي مباشرة الي مزيد من الفساد اي مشاركة العالم (الفاسد من حولنا) فيما هو فيه سادر. وتاتي النتيجة المنطقية لمقولة غير منطقية تحتم علينا الانتظار حتي يتوقف العالم من حولنا عن ممارسة الفساد وبعدها سينصلح حالنا تلقائيا. مثل هذه الامور تؤدي الي قناعات تتغول في مزيد من المغالطة وخلط الصالح بالطالح حتي تستمر الامور علي ما هي عليه. في ظل مثل هذه المناخات يجري وضع قواعد جديدة تمارسها السلطة وتضرب بها عرض الحائط للعادات والتقاليد والأعراف التي تآلف الناس عليها، فتؤدي الي مزيد من التدهور الخلقي والتربوي مروراً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية المنحطة مع فقدان الأمن وفقدان الشعور بالأمان، وفقدان العزة والكرامة والشعور بالفخر، وشيوع الفقر والذل والهوان.
في هذا المناخ الشديد الغرابة نجد كل دولة من دول التجمع الاسلامي تبكي على أمجادها العظيمة، وكيف كان ماضيها براقا. يجري هذا بدون اي خجل عبر نخب تمت رشوتها لتؤدي دور الكذابين والمضللين إعلاميا في برامج مدفوعة الاجر بسخاء. هذه النخب تؤدي ادوارا اقرب الي ادوار الارجوزات في السيرك أو البغبغانات في اقفاص الطيور. فهم يعنفون جمهور الناس لانهم ابتعدوا عن الله، وان ضعف ايمانهم هو سبب كربهم. لكنهم لم يتطرقوا بالمثل الي ايمان رجال السلطة الذين يروجون للفساد بما فيه فسادهم هم كاعلاميين او دعاه إسلاميين جدد. لم يقل ايا من هؤلاء البغبغانات الدعوية انهم يمارسون الدعوة في مجتمع مسلم فما فائدة دعواهم؟ اللهم إلا إذا كان الدين قد انهار، لكنهم لم يسالوا كيف ينهار الدين وعدد الدعاه يقرب من اعلي معدلاته في تاريخ هذه المجتمعات ومعه ينتشر الفساد بنفس سرعة تزايدهم هم. هنا يتم زرع مفاهيم هي اكثر فسادا من كل ماقيل. فعندما تصدر حجج تبرر الفساد بالابتعاد عن الله فان النتيجة المنطقية في عقل المتلقي تلقي به مباشرة الي القاء اللوم علي من هم مبتعدين عن الدين او عن الله حسب قناعته هو بما هو الدين ومن هو الله في ذهنيته الخاصة. ولان الخطاب الموجه لهم هو خطاب اسلامي في المقام الاول فإن الاتهام يوجه تلقائيا الي غير المسلمين بكل اطيافهم. هكذا تتم شيطنة المسيحيين والنصاري واليهود ومعهم العلمانيين واليهود واللادينيين والملحدين. وفي اسوا الحالات يضاف اليهم كذلك من يفرط في صلاته او صيامه لو انه محسوب ظاهريا علي الاسلام. لهذا تم القبض مؤخرا علي من يفطر في شهر رمضان في اول عمل غير مسبوق في تاريخ مصر. فالخطاب يجري علي طريقة "إنها من علامات يوم القيامة"، "حاسبوا قبل ان تحاسبوا"، "الحل بالعودة إلى دين الإسلام العظيم"، "اين نحن من زمن السلف الصالح" و"غياب القرآن كدستور لنا كان سبباً لذلنا وهواننا بين شعوب الارض". كل هؤلاء الكذابون المضللون لم يقولوا انهم كانوا خارج التاريخ والانسانية قبل ان تستخرج لهم الولايات المتحده النفط. وان معظمهم او كلهم كمحميات بريطانية او فرنسية كانوا يتقاوضون مرتبات من الحاكم العسكري لها.
فالمسلمون اليوم لم يخرجوا من عزلتهم الا بفضل الاستعمار غير المسلم، ولكنهم خرجوا لا يعرفون شيئا عن العالم ولا حتي عمن كان يقيم اودهم في فترة الاستعمار، فاحتضنوا الاسلام مجددا ولم يقولوا ان المنطقة كلها التي حكمت بنظام الخلافة الاسلامية لم تستطع الصمود بنظامها الاسلامي في وجه العالم الخارجي بغض النظر عن ديانته او إلحاده.
قام العالم الاسلامي من غيبوبته بفضل الاستعمار ليكيل السباب الي كل من لا يؤمن بالدين الحق. ولم يسالوا انفسهم ولماذا استعمرونا ونحن علي الدين الحق؟ فالمستعمر الكافر الذي أحكم قبضته على البلاد والعباد ولاذ بالخروج ومنحهم الاستقلال هو نفسه الذي مولهم بالاموال والتكنولوجيا لتفخيم الاصوات الحنجورية في ميكروفونات الايمان. كانت جنود الاحتلال في كل مكان لكن بعد الاستقلال اصبحت كثافة جنود السلطات اغزر وقمعهم اشد. علّم الاستعمار المواطن قول الحق في المطالبة بالاستقلال والتظاهر ضده (ذلك لانه استعمار). لكن السلطات المؤمنة وجنودها من اصحاب اللحي أورثوا ابناء زمن الاستقلال الكذب علي الذات وطي وكتمان الحقائق، والخوف والذعر من الحاكم وزبانيته. باكثر مما كان زمن الاستعمار.
ما لم يقله السادة من زاعقي الميكروفات الايمانية ان نظام الخلافة الاسلامية العثمانية مثلا ترك مصر ليستعمرها الانجليز الغير مسلمين في العام 1882، رغم تحصيلهم الجزية التي يدافعون عنها عقائديا بانها للدفاع عن امة الاسلام. فهل دافع النطع العثماني القابع في الباب العالي عن مصر ام انه ساوم عليها؟ وعندما ذهب ابراهيم باشا والي مصر الي الشام لتحرير مسيحيها من جور الحكم العثماني الاسلامي قابله هؤلاء الدعاه بانه كان يهدم الاسلام. فهل الحكم بالجور والعسف حسب شكاوي الظلم من سكان لبنان وسوريا من الاسلام في شئ. ام اعادة الافساد والترويج للفساد هو سنة هؤلاء الدعاه الذي يقول احدهم بانه يريد إحداث نهضة في برامج مدفوعة الاجر بسخاء ولا تحمل كلماته اي مضمون او حقيقة تاريخية واحده صادقة.
يقول الدعاه تبريرا لواقع الحال ولتبرئه المستقبل المظلم الذي يروجون لمجيئه " أن الله يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء" هكذا سحبوا البساط من تحت قدمي الشعب قبل ان يبسطوه لهم. فمصالح البشر بهذا القول بعيده عن يد ومتناول الجمهور. فالرسالة المضمرة في هذا القول ان الحكم ليس بيد الشعب واختيار الحاكم ليس من صلاحيات الناس. وبالتالي فإن كل ما يجري في النظم الديموقراطية المنتصرة علي نفسها وعلي اعدائها هي فساد وخروج علي الملة والعقيده. هكذا يتم ضرب نضال البشرية لالاف السنين من اجل الديموقراطية بحقنة كورتيزون ايمانية واحده تسبقها البسملة وتليها الحوقلة. فإذا كان الفساد كامنا في عدم محاسبة الحاكم او السلطان علي افعاله وان توليه السلطة ليس بيد أحد منا، فلماذا تانيب الناس علي فسادهم، والاغرب انهم يستشهدون بالقرآن لاعادة انتاج عدم المحاسبة مع تفضيل خيار مفهوم الاذعان!!!!
هنا يتضح بجلاء واضح كيف ان اقوال مثل "القرآن دستورنا" او ان "الاسلام صالح لكل زمان ومكان" وكل الفاظ البروباجندا الدينية ليست سوي استعادة وتوليد مستمر للفساد. وكم تكون كفاءة الفساد لو انهم تباكوا علي زمن الخلافة الذي كان يردد هذه الاقوال ثم اعادة انتاج ذات الواقع المتردي والمهين الذي ادي بالاستعمار لاحتلال معظم البلاد التي تصلي خمس مرات يوميا وتصوم شهرا كاملا ولا تعرف كيف تختار حاكمها او كيف تدافع عن نفسها.
فأصحاب هذا المنهج الديني، هم في الحقيقة حفاري قبور، إنهم لا يدركون ما يفعلون. يغازلون جهل المواطن فاقد المواطنة ويتباهون بالدين كالطاووس لكن لا يعلمون ان من يراهم من باقي بلاد العالم يحكم عليهم بقبح السلوك وجهل الهدف وغباء الوسيلة.
فالجهل المتاصل لديهم عن السياسة لا يقل عن جهلهم بالتاريخ وبالعلوم الطبيعية والاجتماعية. أكثرهم إن لم يكن جميعهم لا يستطيعون التفكير بالمنطق ومقارعة الحجة بالحجة فالفهم عندهم مشروط بوجود ايه في كتاب الله تعفيهم من إعمال العقل. غاية مرادهم هو وضع نهاية لكل مخالف دون ان سألوا عن صورتهم هم في مرآة هذا المخالف؟ ولو جاء اسلامي مستنير مثل جمال البنا الذي عاصر ما جري بمصر لحوالي 80 عاما من كل انواع الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ياتي هؤلاء الافسال من الدعاة الجدد ليلحقوا به كل عيوبهم وصفاتهم ودعواهم التي لا تخرج عن فقه المراحيض ودورات المياه بكل قذارتها.
يعمل هؤلاء من داخل الأقطار التي ينتمون إليها، بالتنطع علي عقل المواطن وجعله متهما في عقيدته لكنهم لا يتطرقون الي فساد نظامهم السياسي الحاكم للجميع لهذا لا يجدون من حل إلا بتاييد نفس النظام مع جلد الموطن دينيا وفكريا وعقليا. بهذا نكتشف لماذا يرضي عنهم كل نظام. إنهم معه وليسوا ضده هم زراعه وليسوا نقاده. وبذلك نكتشف ان ما يقال ان الصحوة الاسلامية او العودة الي الله هو استعادة لكل نظام استبدادي غير ديموقراطي في حياتنا بفضل هؤلاء الذين يملؤون آذاننا بكل هذا الغثاء باعتباره الدين الصحيح.
المصالح الشخصية لهؤلاء الدعاه خط أحمر. فلا ينبغي سؤالهم عما في حوزتهم من ثروات لانها وكما اوهموا العامة تاتي بسبب اقوالهم المحلاة بالايات البينات. و يسير هذا الخط الأحمر جنباً إلى جنب بالتوازي وربما بالانطباق التام مع رضى نظم الحكم. اي رضا الفساد عنهم.
الدعاة مقربون من قلوب وافئده الحكام العرب المسلمين. إنهم حملان وديعة في اتجاه السلطة وحيوانات بمخالب وانياب في مواجهه المواطن، هم من وكلاء ومتعمدي توزيع الجهل بالاجر السخي يقولون انهم من العلماء بينما هم من الجهلاء.
أكثر ما يتردد على افواههم آيات القرآن التي يتوعد بها الله الكافرين، كما لو ان كتاب الله قد تحول بين ايديهم وعلي لسانهم الي قانون عقابي يعج بالتهديد والوعيد وليس كتاب رحمة. تلك الرحمة التي باتت غريبة علي الاذن لطول عدم سماعها منهم. توعدهم للبسطاء من الناس ياتي عبر آيات مثل "أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا" و”وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُون" و "يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُول، وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا" الغريب أن الاية الاخيرة تنطبق بالكامل عليهم، الم نقل انهم بغبغانات لا يفقهون.
في هذا المناخ الشديد الغرابة نجد كل دولة من دول التجمع الاسلامي تبكي على أمجادها العظيمة، وكيف كان ماضيها براقا. يجري هذا بدون اي خجل عبر نخب تمت رشوتها لتؤدي دور الكذابين والمضللين إعلاميا في برامج مدفوعة الاجر بسخاء. هذه النخب تؤدي ادوارا اقرب الي ادوار الارجوزات في السيرك أو البغبغانات في اقفاص الطيور. فهم يعنفون جمهور الناس لانهم ابتعدوا عن الله، وان ضعف ايمانهم هو سبب كربهم. لكنهم لم يتطرقوا بالمثل الي ايمان رجال السلطة الذين يروجون للفساد بما فيه فسادهم هم كاعلاميين او دعاه إسلاميين جدد. لم يقل ايا من هؤلاء البغبغانات الدعوية انهم يمارسون الدعوة في مجتمع مسلم فما فائدة دعواهم؟ اللهم إلا إذا كان الدين قد انهار، لكنهم لم يسالوا كيف ينهار الدين وعدد الدعاه يقرب من اعلي معدلاته في تاريخ هذه المجتمعات ومعه ينتشر الفساد بنفس سرعة تزايدهم هم. هنا يتم زرع مفاهيم هي اكثر فسادا من كل ماقيل. فعندما تصدر حجج تبرر الفساد بالابتعاد عن الله فان النتيجة المنطقية في عقل المتلقي تلقي به مباشرة الي القاء اللوم علي من هم مبتعدين عن الدين او عن الله حسب قناعته هو بما هو الدين ومن هو الله في ذهنيته الخاصة. ولان الخطاب الموجه لهم هو خطاب اسلامي في المقام الاول فإن الاتهام يوجه تلقائيا الي غير المسلمين بكل اطيافهم. هكذا تتم شيطنة المسيحيين والنصاري واليهود ومعهم العلمانيين واليهود واللادينيين والملحدين. وفي اسوا الحالات يضاف اليهم كذلك من يفرط في صلاته او صيامه لو انه محسوب ظاهريا علي الاسلام. لهذا تم القبض مؤخرا علي من يفطر في شهر رمضان في اول عمل غير مسبوق في تاريخ مصر. فالخطاب يجري علي طريقة "إنها من علامات يوم القيامة"، "حاسبوا قبل ان تحاسبوا"، "الحل بالعودة إلى دين الإسلام العظيم"، "اين نحن من زمن السلف الصالح" و"غياب القرآن كدستور لنا كان سبباً لذلنا وهواننا بين شعوب الارض". كل هؤلاء الكذابون المضللون لم يقولوا انهم كانوا خارج التاريخ والانسانية قبل ان تستخرج لهم الولايات المتحده النفط. وان معظمهم او كلهم كمحميات بريطانية او فرنسية كانوا يتقاوضون مرتبات من الحاكم العسكري لها.
فالمسلمون اليوم لم يخرجوا من عزلتهم الا بفضل الاستعمار غير المسلم، ولكنهم خرجوا لا يعرفون شيئا عن العالم ولا حتي عمن كان يقيم اودهم في فترة الاستعمار، فاحتضنوا الاسلام مجددا ولم يقولوا ان المنطقة كلها التي حكمت بنظام الخلافة الاسلامية لم تستطع الصمود بنظامها الاسلامي في وجه العالم الخارجي بغض النظر عن ديانته او إلحاده.
قام العالم الاسلامي من غيبوبته بفضل الاستعمار ليكيل السباب الي كل من لا يؤمن بالدين الحق. ولم يسالوا انفسهم ولماذا استعمرونا ونحن علي الدين الحق؟ فالمستعمر الكافر الذي أحكم قبضته على البلاد والعباد ولاذ بالخروج ومنحهم الاستقلال هو نفسه الذي مولهم بالاموال والتكنولوجيا لتفخيم الاصوات الحنجورية في ميكروفونات الايمان. كانت جنود الاحتلال في كل مكان لكن بعد الاستقلال اصبحت كثافة جنود السلطات اغزر وقمعهم اشد. علّم الاستعمار المواطن قول الحق في المطالبة بالاستقلال والتظاهر ضده (ذلك لانه استعمار). لكن السلطات المؤمنة وجنودها من اصحاب اللحي أورثوا ابناء زمن الاستقلال الكذب علي الذات وطي وكتمان الحقائق، والخوف والذعر من الحاكم وزبانيته. باكثر مما كان زمن الاستعمار.
ما لم يقله السادة من زاعقي الميكروفات الايمانية ان نظام الخلافة الاسلامية العثمانية مثلا ترك مصر ليستعمرها الانجليز الغير مسلمين في العام 1882، رغم تحصيلهم الجزية التي يدافعون عنها عقائديا بانها للدفاع عن امة الاسلام. فهل دافع النطع العثماني القابع في الباب العالي عن مصر ام انه ساوم عليها؟ وعندما ذهب ابراهيم باشا والي مصر الي الشام لتحرير مسيحيها من جور الحكم العثماني الاسلامي قابله هؤلاء الدعاه بانه كان يهدم الاسلام. فهل الحكم بالجور والعسف حسب شكاوي الظلم من سكان لبنان وسوريا من الاسلام في شئ. ام اعادة الافساد والترويج للفساد هو سنة هؤلاء الدعاه الذي يقول احدهم بانه يريد إحداث نهضة في برامج مدفوعة الاجر بسخاء ولا تحمل كلماته اي مضمون او حقيقة تاريخية واحده صادقة.
يقول الدعاه تبريرا لواقع الحال ولتبرئه المستقبل المظلم الذي يروجون لمجيئه " أن الله يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء" هكذا سحبوا البساط من تحت قدمي الشعب قبل ان يبسطوه لهم. فمصالح البشر بهذا القول بعيده عن يد ومتناول الجمهور. فالرسالة المضمرة في هذا القول ان الحكم ليس بيد الشعب واختيار الحاكم ليس من صلاحيات الناس. وبالتالي فإن كل ما يجري في النظم الديموقراطية المنتصرة علي نفسها وعلي اعدائها هي فساد وخروج علي الملة والعقيده. هكذا يتم ضرب نضال البشرية لالاف السنين من اجل الديموقراطية بحقنة كورتيزون ايمانية واحده تسبقها البسملة وتليها الحوقلة. فإذا كان الفساد كامنا في عدم محاسبة الحاكم او السلطان علي افعاله وان توليه السلطة ليس بيد أحد منا، فلماذا تانيب الناس علي فسادهم، والاغرب انهم يستشهدون بالقرآن لاعادة انتاج عدم المحاسبة مع تفضيل خيار مفهوم الاذعان!!!!
هنا يتضح بجلاء واضح كيف ان اقوال مثل "القرآن دستورنا" او ان "الاسلام صالح لكل زمان ومكان" وكل الفاظ البروباجندا الدينية ليست سوي استعادة وتوليد مستمر للفساد. وكم تكون كفاءة الفساد لو انهم تباكوا علي زمن الخلافة الذي كان يردد هذه الاقوال ثم اعادة انتاج ذات الواقع المتردي والمهين الذي ادي بالاستعمار لاحتلال معظم البلاد التي تصلي خمس مرات يوميا وتصوم شهرا كاملا ولا تعرف كيف تختار حاكمها او كيف تدافع عن نفسها.
فأصحاب هذا المنهج الديني، هم في الحقيقة حفاري قبور، إنهم لا يدركون ما يفعلون. يغازلون جهل المواطن فاقد المواطنة ويتباهون بالدين كالطاووس لكن لا يعلمون ان من يراهم من باقي بلاد العالم يحكم عليهم بقبح السلوك وجهل الهدف وغباء الوسيلة.
فالجهل المتاصل لديهم عن السياسة لا يقل عن جهلهم بالتاريخ وبالعلوم الطبيعية والاجتماعية. أكثرهم إن لم يكن جميعهم لا يستطيعون التفكير بالمنطق ومقارعة الحجة بالحجة فالفهم عندهم مشروط بوجود ايه في كتاب الله تعفيهم من إعمال العقل. غاية مرادهم هو وضع نهاية لكل مخالف دون ان سألوا عن صورتهم هم في مرآة هذا المخالف؟ ولو جاء اسلامي مستنير مثل جمال البنا الذي عاصر ما جري بمصر لحوالي 80 عاما من كل انواع الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ياتي هؤلاء الافسال من الدعاة الجدد ليلحقوا به كل عيوبهم وصفاتهم ودعواهم التي لا تخرج عن فقه المراحيض ودورات المياه بكل قذارتها.
يعمل هؤلاء من داخل الأقطار التي ينتمون إليها، بالتنطع علي عقل المواطن وجعله متهما في عقيدته لكنهم لا يتطرقون الي فساد نظامهم السياسي الحاكم للجميع لهذا لا يجدون من حل إلا بتاييد نفس النظام مع جلد الموطن دينيا وفكريا وعقليا. بهذا نكتشف لماذا يرضي عنهم كل نظام. إنهم معه وليسوا ضده هم زراعه وليسوا نقاده. وبذلك نكتشف ان ما يقال ان الصحوة الاسلامية او العودة الي الله هو استعادة لكل نظام استبدادي غير ديموقراطي في حياتنا بفضل هؤلاء الذين يملؤون آذاننا بكل هذا الغثاء باعتباره الدين الصحيح.
المصالح الشخصية لهؤلاء الدعاه خط أحمر. فلا ينبغي سؤالهم عما في حوزتهم من ثروات لانها وكما اوهموا العامة تاتي بسبب اقوالهم المحلاة بالايات البينات. و يسير هذا الخط الأحمر جنباً إلى جنب بالتوازي وربما بالانطباق التام مع رضى نظم الحكم. اي رضا الفساد عنهم.
الدعاة مقربون من قلوب وافئده الحكام العرب المسلمين. إنهم حملان وديعة في اتجاه السلطة وحيوانات بمخالب وانياب في مواجهه المواطن، هم من وكلاء ومتعمدي توزيع الجهل بالاجر السخي يقولون انهم من العلماء بينما هم من الجهلاء.
أكثر ما يتردد على افواههم آيات القرآن التي يتوعد بها الله الكافرين، كما لو ان كتاب الله قد تحول بين ايديهم وعلي لسانهم الي قانون عقابي يعج بالتهديد والوعيد وليس كتاب رحمة. تلك الرحمة التي باتت غريبة علي الاذن لطول عدم سماعها منهم. توعدهم للبسطاء من الناس ياتي عبر آيات مثل "أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا" و”وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُون" و "يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُول، وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا" الغريب أن الاية الاخيرة تنطبق بالكامل عليهم، الم نقل انهم بغبغانات لا يفقهون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق